العنف على أبواب الكويت

في الأسبوع الماضي، سيطر على الجميع هاجس خوف وحزن وأسف إثر اكتشاف الشبكة التخريبية وبحوزتها كميات هائلة من الأسلحة بهدف ضرب مصالح غربية في داخل الكويت وخارجها!! أما الأسف فهو بسبب وجود ثلاثة كويتيين من ضمن الشبكة المذكورة التي تخطط لانتهاك الأمن في الكويت!! وأما الحزن فيعود إلى عقوق أولئك المواطنين تجاه أرضهم وأهلهم! وأما الخوف فهو أن لا يؤدي اكتشاف مثل هذه الشبكة إلى إعادة نظر في أولويات أمننا واستقرارنا!!
وفوق كل تلك الهواجس، يأتي الهاجس الأكبر الذي أصبح مقلقاً جداً، ألا وهو ذلك الاقتران الجائر الذي أصبح يقرن بين الإسلام والإرهاب بسبب فئات لا تنتمي للإسلام روحاً ولا جسداً!!
وعلى الرغم من تزايد ظاهرة العنف والتطرف عند بعض الفئات والأحزاب الإسلامية، إلا أن ظاهرة العنف الديني والتطرف ليست قصراً على الإسلام وإنما هي ظاهرة في أديان أخرى. فالعنف الديني على سبيل المثال هو الذي أدى بحياة الكثير من الأبرياء في كارثة قطارات الأنفاق التي حدثت في اليابان على يد جماعة “أوم” الدينية المتطرفة، كما سقط الأبرياء كذلك في تفجيرات “أوكلاهوما” في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995 على يد المتطرفين.
كذلك يعج المجتمع اليهودي بالمتطرفين الذين يرفضون كل من لا ينتمي لليهودية ديناً وكياناً، وقد عانى أهل الأرض المحتلة من هؤلاء المتطرفين وسقط الأبرياء في ساحة الأقصى ضحايا لذلك التطرف والعنف الديني.
إلا أن تطرف جماعات الإسلام السياسي قد فاق كل أشكال التطرف الديني، وما حوادث العنف في الجزائر وفي مصر إلا شاهد على حدة ودرجة ذلك العنف.
لذلك فالسؤال المنطقي جداً هنا يدور حول الأسباب التي أدت إلى استفحال العنف الديني في المجتمع الإسلامي بهذه الصورة؟!
وعن طبيعة الانتماء العقائدي والسياسي لجماعات التطرف؟ وعن ظروف نشأتهم الفكرية والسياسية؟ وعن العقول المدبرة والمحركة لتلك الجماعات؟! لذا فإن التعامل مع الشبكة التخريبية في الكويت يجب أن يركز أولاً على مصادر التمويل المالي والمعنوي الذي أتاح لتلك الشبكة فرصة إدخال كل هذه الكمية الهائلة من السلاح والذخيرة إلى أرض الكويت.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها البلاد لمثل هذه الهزة الأمنية، فلقد سبق وأن قامت جهات إرهابية مختلفة بعمليات تفجير وتدمير راح ضحيتها الأبرياء، لكن المؤسف أن ذلك لم ينعكس على استراتيجيتنا الأمنية، ولم يدفع بنا إلى إعادة نظر وترتيب ناضج لتلك الثغرات التي استطاع أولئك المخربون أن ينفذوا من خلالها وأن يقيموا قاعدة مكنتهم من إنجاز خططهم! وكلنا أمل أن يؤدي التحقيق مع قضية الشبكة التخريبية إلى تصحيح وتعديل في استراتيجياتنا وخططنا الأمنية بشكل عام.
لقد آن الأوان للوقوف بحزم وصرامة أمام التطرف والعنف اللذين تنتهجهما جماعات وتجمعات إسلامية سياسية خصوصاً وأن البديل سيكون دماراً وإرباكاً وخسائر كبيرة جداً.
كما آن الأوان أيضاً للدفاع عن الإسلام ووقايته من تطرف وعنف هؤلاء، وتنقيته من شوائب الإرهاب والتخريب، وذلك بلا شك واجب علينا جميعاً خصوصاً بعد أن اقترن الإسلام بالإرهاب والعنف بسبب تطرف وسلوك ذلك البعض، وعلى الحكومة أن ترصد وتقيس حجم التكلفة التي تتكبدها نتيجة لتقربها من التيار الديني، ومواجهتها لليبراليين، خصوصاً بعد أن ثبت تورط بعض أقطاب ذلك التيار في أحداث عنف وقعت في مصر وفي السعودية.
قد تكون الصدفة وحدها هي التي جمعت التوقيت بين اكتشاف الشبكة التخريبية وبين الفصل في قضية الاعتداء على طالبة المعهد التجاري. لكنها قطعاً ليست الصدفة ذاتها التي جعلت من بعض المعتدين على الطالبة أعضاء في الشبكة التخريبية. لسبب بسيط جداً وهو أن العنف كل لا يتجزأ. فليس هنالك عنف بسيط وآخر كبير. فالذي يملك الجرأة على انتهاك حق مواطن وكما حدث مع طالبة المعهد، سيملك الجرأة ذاتها لانتهاك حرمة العنف، وليصبح التطرف على أبواب الكويت!!