ملفات ساخنة

الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب

[جريدة القبس 26/1/2016]

سبحان الله! لا يتفق العرب على شيء بقدر اتفاقهم على القمع والكبت ومصادرة الحريات.
في 22 أبريل من عام 1998 أقر مجلسا وزراء الداخلية والعدل العرب اعتماد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وبقيت هذه الاتفاقية قيد المشاورات والمباحثات، نظراً إلى ما تتضمنه بنودها من تهديد خطير لحقوق الإنسان في الدول العربية!
تجدد الحماسة العربية لمكافحة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وذلك إثر اعتماد مجلس الأمن الدولي تشكيل لجنة تُعنى بمكافحة الإرهاب الدولي، تضم جميع الدول الاعضاء. وقد أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها إزاء التشريعات أو التدابير الجديدة المقترحة في أجزاء عدة من العالم.
في الأسبوع الماضي ظهرت جريدة الجريدة بمانشيت يتناول أحد بنود الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وهو البند الذي يعتبر المساس برؤساء وملوك وحكام الدول جريمة إرهابية، وليس سياسية! ليس هذا وحسب، بل يشمل الوصف هنا زوجاتهم وأصولهم وفروعهم كذلك، أي أن التعدي على زوجات الرؤساء وأصولهم وفروعهم يعتبر إرهاباً، وفقاً لهذه الاتفاقية!
وعلى الرغم من أن مجلسي 2003 و2008 قد رفضا الاتفاقية، لما تحمل من انتهاك واضح للدستور، فإنها أدرجت على لجنة الأولويات على جدول أعمال جلسة اليوم (الثلاثاء)!
حين تمت مناقشة الاتفاقية وطرحها في عام 1998 رأى البعض ضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة، واعتبر أن أعمال الكفاح المسلح التي تمارسها قوى المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني أعمال مشروعة، لا يمكن إدراجها ضمن توصيف الإرهاب!
اليوم، نحن في وضع أكثر تعقيداً لما يتعلق بالتفريق بين الإرهاب والنضال، أو الكفاح المسلح، فثورات “الربيع العربي” أفرزت وصفاً مركّباً ومعقّداً سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تحديد الإرهابي من المناضل، على الأقل، بالنسبة إلى القوى الإقليمية والعربية التي تعتبر من أبرز اللاعبين، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو تونس أو مصر، أو البحرين!
فبسبب خريطة التحالفات السياسية والعسكرية المعقّدة اليوم، أصبح لكل فريق نموذجه الخاص من الإرهابيين والمناضلين!
الفقرة الثانية من المادة الأولى للاتفاقية وضعت تعريفاً للإرهاب، يقوم على أن الإرهاب هو “كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أياً كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر”.. انتهى التعريف.
نترك لك -عزيزي القارئ- وحضرة النائب المحترم اليوم، حرية تفكيك طلاسم مثل هذا التعريف الجامع المانع قبل أن تقر أو ترفض مثل هذه الاتفاقية المنتهية الصلاحية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى