الأصولية الجهادية في الغرب

مع ارتفاع عدد الأوروبيين والأمريكيين المجاهدين في سوريا والعراق، ومن قبلها في أفغانستان، قامت جهات عدة برصد ودراسة مدى اختراق الفكر الأصولي للنظام في أوروبا، وبخاصة النظام التربوي والتعليمي.
إحدى هذه الدراسات أجرتها جريدة “صنداي تلغراف”، من خلال مقابلات مطولة، كشفت عن أن أطفالا في إحدى المدارس الابتدائية في بريطانيا، والتي يفترض أن تكون مدارس غير دينية قد حدث وأن طلب منهم معلمون إلقاء أناشيد معادية للمسيحية، كما تؤدي المدرسة صلاة الجمعة، ونظمت على الأقل ثلاث رحلات مدرسية إلى مكة، بدعم من أموال المدرسة، كما أجبرت الإدارة فيها الطلبة على تعلم اللغة العربية، باعتبارها لغة القرآن.. فضلاً عن ذلك، فقد تعرَّضت مديرة المدرسة غير المسلمة إلى الطرد، بسبب معارضتها لبرنامج أسلمة المدرسة. كما قام معلم في هذه المدرسة بمدح فكر القاعدة في اجتماعات، واستعمل مرافق المدرسة لنسخ اسطوانات لأسامة بن لادن.
وأكدت بعض المصادر، أنه يتم تعيين بعض المعلمين المتشددين الذين يزرعون بذور الدين في كل درس، حتى إن بعض المعلمين قالوا للتلاميذ إن الموسيقى حرام، فبدأ التلاميذ يرفضون ممارسة الموسيقى، على الرغم من أنها إجبارية في البرنامج التعليمي الوطني، كما أفادت تلك المصادر أنه تم إلغاء الاحتفال بعيد ميلاد المسيح، لأنه اعتبر مخالفاً للإسلام، وألقى معلم العربية في المدرسة خطاباً يسخر فيه من اعتقادات المسيحيين.
البعض أصبح يرى أن الفكر الجهادي ليس ابنا لدين معيَّن، وليس قصراً على بيئة محددة، بعد أن أصبح العالم، بفعل التواصل الإلكتروني وحركة المواصلات، قرية كبيرة.
الفكر الجهادي، سواء الخارج من أوروبا أو أمريكا أو من الشرق، هو ردة فعل طبيعية لعالم فقدت فيه العدالة ميزانها الثابت، وفي أبريل الماضي سلطت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية الضوء على فيديو يظهر شخصاً ملثما يدعو للجهاد في سوريا ويعرف نفسه بأنه كان لاعباً سابقاً في نادي الآرسنال الإنكليزي، وظهر في الفيديو وهو يحمل بندقية ويقول إنه يشارك في “الحرب المقدَّسة” في سوريا.
في نهاية عام 2013، أثار مقتل الأخوين الفرنسيين في ساحة الجهاد في سوريا قضية انخراط جهاديين فرنسيين وغيرهم في حروب ذات طابع ديني وطائفي، كالتي تدور في سوريا والعراق اليوم، وبدأت معها أوروبا في دق جرس الإنذار لمثل هذه الحوادث، التي أصبحت ظاهرة.. وبتصوري، إن معالجة تغلغل مثل هذا الفكر الجهاد الأصولي في نفوس الشباب الأوروبيين لا يمكن القيام به من خلال قصة “الحرب على الإرهاب”، بل في توعية هؤلاء أن الإسلام الحقيقي لا ينص على قتل وقطع الرقاب بهذا الشكل.