ملفات ساخنة

ثورة في وجه الإخوان المسلمين

ثورة في وجه الإخوان المسلمين

أشعل “البوعزيزي” من تونس النار في جسده يوم 17 ديسمبر 2010 إثر خلاف شديد مع الشرطة حول بضاعته وعربة الخضار التي كان يكسب منها رزقه… فدَخَلَ التاريخ من دون أن يدري بعد أن أشعل ثورات “الربيع العربي”، التي أسقَطَت أربعة زعماء كانوا شبه مُخلّدين في السُّلطة!
اليوم ومن تونس أيضاً يتعرّض الحزب الدستوري الحر المُعارِض ورئيسته المحامية “عبير موسي” لسلسلة من الهجمات المتكررة كلّلتها حادثة الاعتداء السافر باستخدام العنف والضرب والشتم ضد النائبة الفاضلة بل وبالصفع، وذلك من قِبَل محسوبين على تيار الإسلام السياسي وبالتحديد الإخوان المسلمين!
والسؤال المطروح اليوم أصبح حول احتمال أن تُشكّل تونس مرة أخرى انطلاقة جديدة لربيع عربي مختلف عن ربيع “البوعزيزي”؟
ففي الربيع الأول كان المحرّك لقمة العَيْش والظلم والاضطهاد الذي دفع البوعزيزي لإضرام النار في جسده، لكن فى النسخة التونسية الجديدة.. يتجاوز الصراع لقمة العيش.. ليُصبح صراعاً باتجاه الكَشْف عن مُخطّطات إخوان تونس بعد أن كَشَفَت النائبة عبير موسي وحزبها الدستوري الحر عن مخططاتهم التي تتعارَض مع مصالح البلاد، وتعمل على تمرير اتفاقيات تَصُب أنشطتها في خدمة مصالح تنظيم الإخوان عبر العالم وليس تونس ومصالحها.
نحن في الكويت ذُقنا وتعرّفنا عن قُرب حقيقة انتماء الإخوان وذلك إبان فترة الغزو الغادر.. وسواء كانوا إخواناً من الكويت أو من غيرها.. فالانتماء غالباً ما يكون للتنظيم وليس للوطن ولا للدولة ومؤسساتها وناسها.. وقصة ذهابهم إلى العراق.. وبالتحديد إلى صدام حسين.. وإصدارهم بياناً مؤيداً للغزو أصبحت شائعة تناولها الكثير من المعاصرين لتلك الحقبة.. وهو بالطبع أمر أحرَجَ إخوان الكويت.. فحاولوا كعاداتهم التمويه وذلك بتغيير مُسمّاهم بعد التحرير.
مُصارعة.. أو مواجهة الإخوان سَتُشكّل بحسب تقدير الكثير من المراقبين سِمَة الصراع القادم في المنطقة.. وهي مواجهة لن تكون سهلة على الإطلاق، فهذا التنظيم مَشهور عنه التمرّس في خدعة الحرب.. وفي النزول إلى الأقبية عند اشتداد القتال عليه.. وفي تغيير الجِلد وركوب الأمواج كاستراتيجية ذكية لضمان البقاء.. ومن يُريد الاستزادة في التعرّف عن قرب على أسلوب الإخوان في المواجهة.. عليه الرجوع إلى كتاب “إدارة التوحّش” والذي يتناول أخطر مرحلة سَتَمر بها الأمة وفقًا لتعبير مؤلفه أبو بكر ناجي، الذي يُقال إنه اسم حركي بل وربما يكون لشخصية غير حقيقية!
وكلمة “التوحّش” التي استخدمها المؤلف هنا يقصد بها حالة الفوضى التي سَتَدُب في أرجاء دولة أو منطقة مُعيّنة في حال زالت عنها قبضة السُّلطات الحاكمة، وأن مثل هذه الحالة من الفوضى سَتَكون متوحّشة الذي يُقال إنه اسم حركي بل درجة بَث اليأس والمعاناة في نفوس الناس.. وبالتالي يكون المجال مفتوحاً أمام تيارات الإسلام السياسي لإقامة “دولتهم الإسلامية” المزعومة.. لذلك يتوجّب عليهم حُسن إدارة مثل هذا التوحّش إلى أن تَستَقر الأمور لإحكام القبضة فيما بعد!
من حيث الحبكة.. لا يختلف كتاب “إدارة التوحّش” عن كتاب سيد قطب “معالم في الطريق”، الذي وضَعَ فيه قُطب المعالم اللازمة لاستعادة الحاكمية.. فهو يرى أن المجتمع الإسلامي كان مجتمعاً مبنياً على رابطة العقيدة.. وأن أناساً من الفرس والروم والعرب وأعراق محتلفة قد وحّدتها العقيدة الإسلامية وأذابت كل الفروق والاختلافات بينها.. فأصبحوا كأسنان المشط.
لقد أكّدت التطورات الأخيرة في تونس فشل تجربة حكم الإخوان ومدى إخفاقهم في محاولات الصعود إلى السلطة سواء في مصر أو سوريا.. أو ليبيا وها هي تونس كلّها تُبارك خطوة الرئيس “سعيّد” وتعتبرها وسائل الإعلام جزءاً من المعركة ضد جماعة الإخوان.. وأن الإسلام السياسي قد أكّد فشله مجدداً في تقديم نفسه كَبَديل سياسي مُقنع للشعوب العربية.
فهل سَتَخرج الثورة العربية من تونس ضد الإخوان المسلمين.. ومشروعهم النظري في إدارة توحّش فوضى المجتمعات العربية؟ أم لن يتعدَى الأمر عن كونه جولة مواجهة مع التنظيم الأقوى والأشرس في العالم العربي؟
*
في ذكرى الغزو نطلب الرحمة لشهدائنا ونتمنى العِظَة لحكومتنا.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى