براو بسام العسعوسي

“براو”.. بسام العسعوسي
حرَّك مياهاً راكدةً، ورفع قضية كمواطن، وليس كمحامٍ، ولم يُدلِّس أو يضرب من الخلف. ما قام به المحامي الفاضل بسام العسعوسي من رفعه دعوى تطالب بحل جمعية الإصلاح الاجتماعي، لمخالفتها نظامها الأساسي وأغراض إنشائها عبر تدخُّلها في القضايا السياسية، أقول: ما قام به العسعوسي يحمل – بالإضافة إلى محتواه – رسالتين، إحداهما إلى الحكومة، والأخرى إلى التيار الوطني في الكويت.
العسعوسي أحرج الحكومة – بلا شك – وحرَّك مياهاً راكدة، أصابها الأسن! فعلى الرغم من وضوح المادة السادسة في قانون الأندية وجمعيات النفع العام، التي تنص على الآتي: المادة 6 “لا يجوز للجمعية أو النادي السعي إلى تحقيق أي غرض غير مشروع أو منافٍ للآداب، أو لا يدخل في الأغراض المنصوص عليها في النظام الأساسي لكل منهما. ويحظر على الجمعية أو النادي التدخل في السياسة أو المنازعات الدينية أو إثارة العصبيات والطائفية والعنصرية”.
على الرغم من ذلك، فإن الحكومات على تتابعها غضّت النظر في رأينا عن انتهاك جمعية الإصلاح الاجتماعي لكل ما ورد في المادة، وربما بصورة تحريضية أثارت أحياناً فئات أخرى كثيرة في المجتمع، واغتصبت من حقوقها الكثير، كل ذلك كان يتم برعاية الحكومة ومباركتها بمسؤوليها والتي كانت تحرص – دائماً – على الوجود في كل مناسبة لجمعية الاصلاح.
جمعية الإصلاح – يا سادة – تمارس السياسة، ليس بصورة تتعارض مع المادة السادسة وحسب، وإنما بشكل أضر بالمصلحة الوطنية بشكل عام. وكما حدث في موقفهم الشهير أثناء غزو الكويت، حين وقفت جمعية الإصلاح متضامنة مع الموقف الدولي لتنظيم الإخوان ضد تحرير الكويت بقوات دولية “كافرة”! ومع ذلك، فقد غضت الحكومة البصر عن سقطتهم هذه وعادت تحتضنهم من جديد! وأمنت لهم تجاوزات هائلة.
بسام العسعوسي لم يرفع قضية كمحامٍ، وإنما كمواطن، لجأ إلى مؤسسة القضاء يقيناً منه بمدنية الدولة ودستورية مؤسساتها، التي طالما اخترقتها جمعية الإصلاح وغيرها.
لقد حذّر الجميع من تحول مؤسسة الإسلام السياسي في الكويت إلى دولة داخل دولة، وهو ما تحقق اليوم. فجمعية الإصلاح لا تمارس السياسة وحسب، بل تناقض سياسة الدولة الخارجية، تتدخل في الشأن المصري، والتركي، وربما تنسق مع “الإخوان” في مصر، ومع المقاتلين في سوريا! هي إذاً مؤسسة لها خصومها، ولها تحالفاتها تماماً كالدولة، وإن كانت بلا عَلَم!
لقد حركت دعوى المحامي بسام العسعوسي مياهاً آسنة، تعكس مدى ازدواجية الدولة في معاييرها، فالأسباب التي ادعتها الحكومة حين أغلقت نادي الاستقلال بحجة تسييسه، هي أسباب ظاهرة في حالة جمعية الإصلاح! فهل تحرِّك دعوى العسعوسي الدماء في شرايين التيار الوطني لتنتفض وتصحو؟! نأمل ذلك.
