الخلود في السلطة!

الخلود في السلطة!
أخطر ما تواجهه ثورات الربيع العربي اليوم، هو إمكانية أن يحوِّلها البعض من ثورات تصحيحية ومطالب تغيير وإصرار على الحريات والحقوق إلى مجرد صراع على السلطة يُعيدنا كمجتمعات عربية إلى المربع رقم واحد.
منذ أسبوع أو أكثر، صرَّح أحد أقطاب تيار الإخوان المسلمين في الكويت بأن الإخوان لا يسعون إلى الحُكم، مشيراً هنا إلى دعم تياره لأنظمة الحُكم في الخليج، واعتبارها مصدر استقرار دول هذه المنطقة.
تصريحه هذا جاء، بعدما أصبح يثار في المنتديات الإلكترونية وغيرها موضوع طموح الإخوان في الوصول إلى السلطة، وخصوصاً في ظل النجاح الذي حققه أقرانهم في مصر.
الصراع على السلطة أمر مشروع إذا كان في ظل مؤسسات ديمقراطية حقيقية وتحت رقابة قانون ونظم صارمة، لكن من غير المشروع أن يصبح الهدف الأساسي هو الاحتفاظ بهذه السلطة، وبغض النظر عن الأدوات المستخدمة في ذلك، ولتتحوَّل معها الأنظمة الجديدة التي أفرزتها ثورات الربيع العربي إلى نسخ مكررة من الديكتاتوريات التي بذل شباب الربيع العربي دماءهم لإزالتها.
ليس المهم مَن في السلطة، لكن المهم حقاً هو أسلوب ممارسة السلطة والأدوات التي سيستخدمها من ظفر بها.
مشكلة الإخوان، سواء أولئك الذين حققوا حلمهم في مصر، أو الذين بانتظار أن يتحقق الحلم، كما هي الحال مع إخوان الكويت، أن أدواتهم عقيمة، وفكرهم لم يعد يتماشى إطلاقاً مع ما أتى به الربيع العربي من تغيير في وعي الأفراد بحقوقهم وحرياتهم.
ولعل في سلوك الإخوان ومراوغاتهم في مصر خير دليل على ذلك، ففي فترة وجيزة ناقض هؤلاء أقوالهم أكثر من مرة، أحدها حين أنكروا رغبتهم في سباق الرئاسة، متجاهلين بذلك أنهم يتعاملون اليوم مع شعوب تختلف عن تلك التي تعامل معها مرشدهم الأول.
شعوب لا تغفر ولا تنسى، شعوب ترفض أن تتنازل عن مطالبها، إرضاء لرمز الرئيس أو الحاكم.
قطعاً لا يختلف إخوان الكويت عن غيرهم من إخوان التنظيم، وتصريح القطب الإخواني الذي أشرنا إليه في بداية المقال، وما يحويه من تودد إلى السلطة، ممثلة بأنظمة الحُكم الخليجية، ما هو إلا محاولة منه لأن يلطف نوعاً ما من مواقف التيار ومنتسبيه في الكويت في أمور تمس مصلحة الوطن بشكل مباشر. فموقف إخوان الكويت الرافض لتحرير بلادهم أيام الغزو هو موقف لم ينسه المواطن الكويتي، ومعارضتهم الشرسة لحقوق المرأة السياسية لن يمحوها اليوم توددهم للمرأة، بعد أن أصبحت رقماً حاسماً في الانتخابات.
ما يجب أن يفهمه الإخوان، وما يفترض أن تدركه التيارات السياسية أن الخلود في السلطة أصبح أمراً غير مشروع، وغير وارد، في ظل ما أتت به ثورات الربيع العربي من وعي.
