العقوبة هي المُعلِّمُ الوحيد

العقوبة هي المُعلِّمُ الوحيد
في مشهد أقرب إلى الكوميديا، يظهر فيه الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في اجتماع ضمه والرؤساء السابقين: حسني مبارك وزين العابدين وعلي عبدالله صالح، وذلك بعد إعدام الطاغية صدام حسين، حيث يقول فيه القذافي محذراً زملاءه من مغبة السكوت عن إعدام رئيس عربي، وإن ما حدث لصدام حسين قد يحدث لنا جميعاً في يوم ما!
التحذير كان في محله، لكن السؤال هو: لماذا لم يتعلم القذافي وزملاؤه مما حدث لصدام؟ وكيف لم يعمل هو – أي القذافي – بشكل ينقذه من مصير الرئيس العراقي؟
الإجابة من التاريخ تؤكد أن الطغاة، وبكل أسف، لا يتعلمون منه شيئاً.. لأنهم لو تعلموا لما تكرر المشهد الليبي في اليمن وفي مصر وفي سوريا، التي تفوَّقت ديكتاتورية الأسد على كل ما سبقها من ديكتاتوريات.
المشهد السوري، كما المشاهد التي سبقته، يقول بأنه ساقط لا محالة.. وإن المسألة مسألة وقت ليس أكثر.
مشكلة الديكتاتور أنه يعيش خلف أبواب مغلقة، وجدران حديدية تحجب عنه حقيقة الأوضاع، والا كيف يخفق الرئيس بشار الأسد في قراءة الوضع وبالتالي الاستسلام لشروط الزمن الجديدة؟
لم يتعلم بشار الأسد اليوم تماماً، كما لم يتعلم في السابق، حين خلف والده الديكتاتور الأكبر في رئاسة سوريا، وقتها مارس الشعب السوري قمة التسامح حين تجاهل عملية تغيير الدستور بما يتفق وسن الرئيس الجديد.
جاء الأسد بعد أبيه منظراً في الديمقراطية وضرورة محاربة الفساد وإصلاح أجهزة الدولة، ومعالجة قضايا الناس المُلحة، فاستبشر الناس خيراً، وأرادوا أن يكون قدومه مرحلة جديدة لسوريا تغلق فيها المعتقلات وينعم الناس بثروات بلادهم، لكن ذلك لم يتحقق، لأن الديكتاتور باختصار لا يتعلم من التاريخ ولا يقرأ الأحداث.
العقوبة هي المعلّم الوحيد، وطالما أن هناك طغاة نجوا من العقوبة، فإن القصة لن تنتهي بموت القذافي أو رحيل الأسد.
نجاة مجموعة ديكتاتوريين من العقوبة مسبقاً، أولهم موبوتو سيسيكو الرئيس الزائيري، وعيدي أمين من أوغندا وزين العابدين بن علي من تونس، وعلي عبدالله صالح من اليمن.. هي ما يعطي الرئيس السوري الأمان والثقة، ولكن في نهاية الأمر تبقى العدالة والعقوبة هما المُعَلِّمُ الوحيد للديكتاتوريين.
