الشقيقة الكبرى

الشقيقة الكبرى
لخص رد فعل النواب في مجلس الشعب السوري على خطاب الرئيس الأسد، مكمن المشكلة في مؤسسات الحكم العربية بشكل عام! ومن موقعي هنا كمواطنة عربية قبل أن أكون كويتية، أقول إنني كنت أربأ بالرئيس الأسد أن يسمح لنواب الشعب أن يبالغوا بهذا الشكل في تكريمه ودعمه! وتلك بالتحديد الملاحظة التي شاركني فيها الدكتور برهان غليون الأستاذ في جامعة السوربون، حين أشار إلى موجة التهريج وليس الدعم التي أداها ممثلو الشعب أثناء خطاب الرئيس!
وهو ما يذكرني برواية حدثت إبان عهد عبدالناصر حين قال الرئيس العراقي آنذاك عبدالسلام عارف إن العراق مستعد لأن يستضيف ثلاثة ملايين فلاح مصري! يومها علقت إذاعة إسرائيل على ذلك بأن عبدالناصر لا يود أن يكون له أصحاب على هذه الدرجة من الغباء!
كان الأجدى بخطاب الرئيس أن يبدأ أولاً بدقيقة حداد على أرواح الذين سقطوا جراء الأحداث الأخيرة في درعا واللاذقية، وبغض النظر عن أسباب ودواعي سقوطهم فإنهم يبقون مواطنين. وهو ما فعلته مصر واليمن حين أقرت باستشهاد من سقط في ساحة التغيير! كما أنه من الأجدى بنواب الشعب السوري أن يعبروا عن دعمهم أو أي رؤية يرونها بشكل أكثر حضارية وأقل تهريجاً مما حدث!
التغيير قادم إلى المنطقة بأكملها، ولم يعد أحد بمنأى عنه، والحكمة تكون باستباق الأحداث قبل أن تسبقنا، واستباق التغيير قبل أن يفرض أدواته علينا! وهو أمر يقودني إلى المملكة العربية السعودية، وهي ليست فقط الشقيقة الكبرى، وإنما هي العمود الرئيسي في خيمتنا الخليجية، وهي ـ أي المملكة ـ أصبحت، ولدورها القيادي، النموذج الذي ستتغير بفعله باقي دول الخليج!
مجلس الشورى السعودي هو مجلس معيّن، والأسباب في ذلك تعود إلى خشية المملكة من التمزق طائفياً وقبلياً، فلماذا لا تكون البداية مثلاً من تقسيم المجلس إلى نصف منتخب ونصف معين، ثم رصد النتائج والاحتفاظ بأسلمها فيما بعد؟!
قد لا نلوم المملكة الشقيقة على ترددها في اتخاذ خطوات كهذه، فالأمثلة العربية وبرلماناتها التهريجية ليست مشجعة، ولكن الواقع وبمعزل عن سلبيات التجارب البرلمانية العربية يقول إن استباق التغيير أفضل وأكثر أمناً من انتظاره.
هنالك بلا شك تحول عربي جاد في اتجاه المجتمعات المدنية ومؤسساتها، وهو تحول يقدس الحريات كافة ويقدمها على رغيف الخبز، وهذه الحريات تبدأ أولاً بحرية الكلمة ومكانها الأمثل برلمان يمثل الشعب بكل أطيافه، فهل هي بداية تحقق الحلم العربي بالانطلاق من أغلال الكبت؟! علينا أن ننتظر لنرى.

