شئون عربية

لماذا تفوقت إسرائيل؟

لماذا تفوقت إسرائيل؟

قدم الفنان داوود حسين في رمضانياته هذه المرة صورة مضحكة ومؤسفة معاً لبعض رموز مرتزقة الإعلام والصحافة العربية، من أمثال: عبدالباري عطوان رئيس تحرير جريدة القدس، ومصطفى بكري، والدكتور محمد المسفر! وعلى الرغم من كاريكاتيرية الموقف في برنامج داوود حسين، إلا أنه عبر وبصورة دقيقة عن حقيقة الإعلام العربي وواقعه في المرحلة الحالية، فعلى الرغم من حساسية المرحلة التي يمر بها العالم العربي حالياً، إلا أنه لا جهد يذكر سواء على المستوى الإعلامي أو غيره لطرح أسباب التدهور الشنيع الذي أصبح العرب يواجهونه اليوم، والذي يزداد سوءاً يوماً بعد الآخر، فالإعلام كما النظام السياسي العربي، إما أن يكون جاهلاً يتطرق إلى قشور القضايا ويخشى ملامسة جوهرها، أو كاذباً يزيف الواقع ويموه الحقيقة متعمداً.
عبدالباري عطوان وأمثاله، لا يقلون خطورة عن صدام حسين وزمرته، فكلاهما ينتقد الوضع العربي، وهما أساس محنته، وكلاهما يتحدث بفصاحة وطلاقة في اللسان والمعلومة حول استراتيجية النهوض بالعالم العربي، وسبل النضال والمقاومة للتحرر من سطوة الأجنبي وسيطرته، وهما غارقان حتى النخاع في أموال الصفقات المشبوهة مع مرتزقة الإعلام والسياسة في العالمين العربي والغربي.
نشرت جريدة “الطليعة” أخيراً لقاء مثيراً أجراه جون إيملر، رئيس تحرير النشرة الإلكترونية من فلسطين المحتلة، والذي يتولى تغطية الأحداث في إسرائيل وفلسطين، مع خبير علم الإنسان ومنسق اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم المنازل “جيف هالبر” الذي كشف عن مخططات إسرائيل الخطيرة لمستقبل الفلسطينيين، وقد كشفت هذه المقابلة عن سر القوة التي تتمتع بها إسرائيل في التأثير على السياسات الأمريكية وعلى الكونغرس، وذلك لأنها نجحت في تبوؤ مكان لها في قلب الصناعات العسكرية والدفاعية الأمريكية، بحيث أصبحت إسرائيل المقاول الأكبر من الباطن للأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية، كما يؤكد “هالبر” في ذلك اللقاء أن قوة إسرائيل في الكونغرس لا تنبع من كونها دولة يهودية أو الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بل من ارتباطها العضوي مع كبريات شركات تصنيع الأسلحة والأنظمة الدفاعية في الولايات المتحدة، الأمر الذي جعلها الإوزة التي تبيض ذهباً بالنسبة لأصحاب المصالح في الكونغرس.
وهذا الوضع جعل صانعي السياسات والتشريعات في الكونغرس يضعون إسرائيل فوق القانون الدولي، وفوق المساءلة عن أي جرائم ترتكبها.
حديث الخبير في علم الإنسان يثير الاستياء واليأس من وجود نظام سياسي نزيه، وقانون دولي عادل ومنصف، لكنه يعبر عن واقع العمل السياسي الحقيقي القائم وراء كواليس اللقاءات والتصريحات الرسمية، وعلى الرغم من إصرار مرتزقة كعبدالباري عطوان وغيره على أن الولايات المتحدة تكيل بمكيالين، وتضطهد الشعوب العربية لأجل عيون إسرائيل، إلى آخر ديباجة عطوان المألوفة، إلا أننا لم نسمع منه، ولا من غيره، تفسيراً مقنعاً بخلاف التصريحات الإنشائية حول الأسباب التي رجحت كفة إسرائيل في الميزان الأمريكي.
نحن جميعاً كشعوب وأنظمة سياسية عربية لا نملك من المواقف والضغوط السياسية سوى التنديد والشجب، وعلى الرغم من حيوية وأهمية المنطقة العربية الغنية بالثروات الطبيعية، وعلى رأسها النفط، إلا أن العرب فشلوا في مد نفوذ اقتصادي في العالم لخدمة قضاياهم السياسية، وكما فعلت إسرائيل، التي سيطرت على الولايات المتحدة من خلال نفوذها الكبير في الصناعة العسكرية التي يعتمد عليها أعضاء الكونغرس، حيث يرتبط أكثر من نصف العمالة الصناعية في ولاية كاليفورنيا مثلاً بالصناعة العسكرية بشكل أو بآخر، وبالتالي فهم مرتبطون بإسرائيل التي تقف وسط كل ذلك، وتتمتع بقوة جعلتها صاحبة حق.
لقد استطاعت إسرائيل أن تتغلب على الأمة العربية، وتنتصر في كل حروبها، لأنها تدرك أدوات الصراع وشروطه، بينما تنهزم الأمة العربية، وتنتهك حقوقها، لأن أمثال عبدالباري عطوان يجيدون لعن الظلام، لكنهم لا يبادرون إلى إضاءة شمعة واحدة.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى