مقاطعة إسرائيل

مقاطعة إسرائيل
تفاعلت ابنتي مع خبر منع الكويت كدولة لعرض فيلم “المرأة الخارقة” لكون مؤدية الدور الرئيسي في الفيلم هي ممثلة إسرائيلية، حجة ابنتي كانت من حيث إن الرقابة والمراقبة أصبحتا أمراً مرفوضاً تماماً من قبل جيلها، أما إجابتي فقد كانت بأن جيلها كذلك يؤمن بأن الديمقراطية ودولة المؤسسات والمجتمع المدني هي اللبنات الأساسية لبناء دولة بكيان سياسي صلب وثابت، وهو بالتحديد السبب وراء منع الفيلم. هو قرار قائم على أساس قانون مقاطعة إسرائيل الذي لا يزال سارياً في دولة الكويت، لذلك حاولت أن أشرح لها أن السماح لفيلم يتعارض مع هذا القانون يعني أن لأي فرد في الكويت الحق بأن يرفع قضية على شركات السينما الكويتية إذا ما خرقت قانوناً موجوداً. بمقتضى حق التقاضي المفتوح لكل مواطن في هذه الدولة، وبغض النظر عن الدعوى وتفاصيلها. وبأنها إذا ما كانت ترى بأن قرار المنع خطأ فعليها أولاً وبصفتها مواطنة أن تسعى لتغيير ذلك القانون، وليس إلى خرقه.
قانون مقاطعة إسرائيل صادر عن جامعة الدول العربية بهدف عزل إسرائيل اقتصادياً. ومنذ السبعينيات والمحاولات مستمرة لمواجهة هذا القانون. كمحاولة الكونغرس الأمريكي فرض غرامات على الشركات الأمريكية التي تتعاون مع المقاطعة. ثم توالت التراجعات لتشمل مصر كأول دولة تترك المقاطعة ثم تبعها الأردن في عام 1995، لكن بقيت التجربة الكويتية في مقاطعة إسرائيل رائدة وحالة عربية استثنائية كما وصفها عمر البرغوثي، حيث تعود بداية حركة المقاطعة هذه إلى القانون 21 لسنة 1964 الذي يحظر حيازة وتداول السلع الإسرائيلية بكل أنواعها. وقد أُقر القانون من كل الوزراء ونواب مجلس الأمة الكويتي آنذاك من دون أي امتناع أو اعتراض.
إذن منع الكويت للفيلم وكذلك كلمة رئيس مجلس الأمة الكويتي ضد الوفد الإسرائيلي وغيرها الكثير من المواقف لا تعود إلى أن الكويتيين أكثر وطنية من بعض الفلسطينيين ولا بسبب الرغبة في الظهور والبروز كظاهرة صوتية، بل كلها مواقف لم تأتِ لأسباب سياسية مرحلية ولاصطفافات إقليمية وكما ورد في بعض التعليقات على ما جاء في كلمة رئيس مجلس الأمة، وإنما تعود إلى أن كل تلك المواقف والقرارات سببها كون الكويت دولة تحكمها مؤسسات وقوانين تلتزم بها الحكومة والمجلس قبل المواطن العادي. وكلها مؤسسات لم تأتِ برغبة ولا أمنية بل جاءت بعد نضال طويل مارسه أهل الكويت لإقرار حقوقهم ومكتسباتهم الوطنية بكل أشكالها وذلك منذ عشرينيات القرن الماضي. حقوق قد تبدأ بمنع فيلم بطلته إسرائيلية بناء على قانون لا يزال سارياً. وقد لا تنتهي بعزل رئيس مجلس وزراء على يد نواب من الأمة.
وإذا ما كان هنالك تراجع في استخدام هذه المؤسسات فإن ذلك لا يعني غيابها من كيان الدولة وأساسها في الكويت.
