شئون عربية

السقوط العربي من منصة العراق الحر

السقوط العربي من منصة العراق الحر

مع تلاحق الأحداث من حولنا، ومع استمرار الحرب وردود الفعل، يطرح الكويتيون جميعاً سؤالهم الحائر، حول الأسباب التي دفعت الشارع العربي، والأنظمة العربية لاتخاذ موقف مساند بشراسة، أو على استحياء لنظام بغداد الحاكم! ويتساءل الجميع عن السبب الذي جعل بعض الدول العربية تتخذ الموقف نفسه تجاه الكويت، والذي كانت قد اتخذته إبان مرحلة الغزو العراقي؟
لا نريد للتفسير أو للتبرير العاطفي أن يسيطر على تحليلنا للموقف العربي، الذي جعل من الكويت متهمة أولى ورئيسية في الحرب الدائرة في العراق، كقول البعض إن الدافع الرئيسي من وراء الموقف العربي هو بسبب ريادة الكويت ديمقراطياً واجتماعياً، ومن منطلق أن “كل ذي نعمة محسود”، لا نريد لمثل هذا التحليل أن يتسلل إلى النفس الكويتية لسذاجته أولاً، ولعقمه ثانياً!
هنالك بالتأكيد ثغرة في سياستنا الخارجية، أو في نهجنا الإعلامي وجد فيها الموقف العربي ملاذه لاتخاذ موقفه العدائي من الكويت حكومة وشعباً! وذلك أمر يتطلب منا إعادة نظر في تلك السياسات الإعلامية منها والخارجية.
بداية، يجب أن ننوه هنا بنقطة مهمة حول سبب الإجماع العربي على مهاجمة الكويت هذه المرة، بعد أن كان مقتصراً على بعض الدول العربية إبان فترة الغزو العراقي، والتي كان فيها الهدف من الحرب واضحاً ومحدداً وشرعياً، وهو تحرير الكويت، وتطهيرها من غزو النظام العراقي! بينما تتعدد الأهداف في الحرب الدائرة الآن، وتتنوع بين إقصاء صدام حسين وحزبه من الحكم، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، وإعادة ترسيم المنطقة، ومحاربة الإرهاب، وأمن إسرائيل! مما يجعل الإجماع على مشروعية الحرب هنا صعباً ومستحيلاً، لكن ذلك لا يعني تبريراً للموقف العربي القائم تجاه الكويت، فتحت الطاولات الرسمية، وخلف كواليس اللقاءات السياسية هنالك إجماع من قبل الأنظمة العربية على كل تلك الأهداف الغربية!
المطلوب من الكويت الآن، وهو مطلب شعبي يعبر عنه الشعب الكويتي بلا استحياء ولا تردد، أن تكون الكويت أكثر حزماً وشدة في سياستها الخارجية مع الدول العربية، وألا تكون وحدها كبش الفداء في سبيل وحدة الكلمة والصف العربي، فيكفي الكويت ما قدمته من تنازلات لرأب الصدع العربي، فتارة هي مطالبة باستبدال كلمة “غزو” بمصطلح “حالة”، وتارة أخرى هي مطالبة بتجاهل الإساءة وفتح صفحات جديدة من العلاقة مع دول أساءت للكويت وهددت أمنها بما وفرت من سلاح وممرات لطاغية بغداد.
الإعلام الكويتي هو الآخر مطالب بالخروج من هاجس العاطفة في التعامل مع الأرض والوطن وإعداد العدة لمعارك إعلامية، يخترق فيها الجسم العربي بالحجة والمنطق! ولقد أثبت إعلامنا إبان الأزمة الراهنة، قدرته على القيام بمثل هذا التحول، فالزخم الهائل من المحللين وأصحاب الرأي الذي خيم على أجوائنا الإعلامية في الآونة الأخيرة يؤكد على قدراتنا هذه.
إن الأمور التي دفعت بهذا الموقف العربي المعادي للكويت، هي ولا شك أكثر تعقيداً من مجرد تواجد القوات الأمريكية والبريطانية، على أرضها، لأن كل الدول العربية وبلا استثناء تسهم وبصورة مباشرة في مساعدة تلك القوات في مهمتها، سواء من خلال انطلاق الطائرات خفية من قواعد دائمة فيها، أو من خلال فتح الممرات المائية لعبور السفن وحاملات الطائرات الغربية، أو في استضافة القيادة العامة لتلك القوات.
لقد قبلت الكويت أن تكون المضيفة لتلك القوات، لإدراكها جيداً حجم المعاناة العراقية المكبلة بأغلال حزب البعث ومنذ ما يزيد على ثلاثة عقود، وسيأتي يوم يشكر العراق الحر فيه الكويت على ما تحملته من ضغوط سياسية، وتهديدات أمنية في سبيل تحقيق الحلم العراقي بالانطلاق من قبضة البعث الخانقة، ومن يدري، لعل العراق يكون القاعدة المقبلة التي تنطلق منها أهازيج النصر المبشرة بتحرير الإنسان العربي من أسره السياسي، وفك أسر العقل العربي المخدوع بانتصار قادته المخلدين فوق كراسي، أصبحت مهلهلة وآيلة للسقوط، فحان قطافها! فهل يسقط العراق الحر من منصته الواقع العربي المتهالك؟

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى