شئون دولية

يروس الديمقراطية

“يروس” الديمقراطية

قطعاً نحن لا نريد أن نُحمّل “المؤامرة” وزر أخطائنا وعثراتنا، ففي كل العالم العربي تتعثر المسيرة الديمقراطية – هذا إن وجدت أساساً – وتخيب كل محاولات التحرر من السلطة ونفوذها الذي يسيطر على كل صغيرة وكبيرة تمس المواطن العربي في كل مكان!
أقول نحن لا نريد أن نلجأ إلى نظرية المؤامرة في كل مرة تتعقد فيها حساباتنا السياسية، لكن ذلك لا يعني أن التاريخ لا يحوي في فصوله مؤشرات ودلائل تؤكد أن “الديمقراطية” و”التحرر” في المنطقة العربية هما أمر “غير مستحب” ولا مرغوب فيه من قبل دول عظمى تدير العالم وتتصرف بأقدار شعوبه وفقاً لمصالحها فقط!
هنالك مقولة شهيرة لـ “هنري كيسنجر” حين كان وزيراً لخارجية الولايات المتحدة، قال فيها: إن أي منطقة تخرج عن سيطرةالولايات المتحدة تعتبر “يروسا” بإمكانه أن يتمدد وينتشر في محيطه ليصيب أجزاء أخرى في المنطقة!
وفقاً لهذا المفهوم “اليروسي” تعاملت الولايات المتحدة مع حكومة سلادور الليندي في تشيلي وذلك بإقصائه وتعيين الديكتاتور أوغستو بينوشيه. كذلك فعلت في إندونيسيا حين أسس أحمد سوكارنو حزباً يسارياً، فأطاحت به المخابرات في أبشع جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ.. وأولت الجنرال سوهارتو حكم إندونيسيا!
أما في العالم العربي الزاخر بالثروات والجغرافيا والممرات والمعابر، فقد كان للولايات المتحدة صولات وجولات في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فكانت البداية من مصر حيث حذرت الحكومة الأمريكية التي ورثت المنطقة بعد انسحاب الإنكليز.. حذرت الملك المصري آنذاك من وقف كل المساعدات إذا ما حاول أن يتخذ توجهاً مستقلاً عن رؤيتها وتشريعاتها!
يقول التاريخ إن نظرية كيسنجر اليروسية تعود إلى رؤية ابتكرها أدولف بيرلي المستشار المقرب من روزفلت، التي تنص على أن السيطرة على موارد الطاقة في الشرق الأوسط تعني سيطرة كاملة على العالم بأكمله!
الديمقراطية إذاً بالنسبة لهؤلاء هي يروس قابل للانتشار، وهو من الخطورة بحيث تجب مواجهته وقمعه في أول درجاته، وهذا بالتحديد ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط بأكمله!

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى