حكومة العالم الخفية

حكومة العالم الخفية
نشرت القبس مؤخراً تقريراً حول من سيفوز بسباق إدارة العالم، استعرضت فيه حجم الصراع الدائر اليوم بين الصين والولايات المتحدة، الذي عكسه سلوك كلتا الدولتين تجاه منظمة الصحة العالمية خلال أزمة الكورونا، وما حدث من تبادل للتهم بينهما وبشكل متصاعد.
في الواقع إن مسألة قيادة العالم تخضع اليوم للكثير من الجدل، وتبقى معها نظرية المؤامرة سيدة الرأي هنا، وهي النظرية التي تشغل رأي الكثير من المفكرين والكتاب، وإن بقيت في إطار النظرية.
عندما كتب الأسكتلندي شيريب سبيرودوفيتش كتابه “حكومة العالم الخفية”، أثار ذلك فضول الكثيرين للبحث عن حقيقة أو جذور مثل هذه الحكومة، والتي وصفها الكاتب بهيئة خفية لها مسحتها الدينية التي لا تخفى عن العين، وصفتها العالمية الواضحة، وبكونها تدير مقدرات الكون، وقد استطرد الكاتب الأسكتلندي في وصف هذه الحكومة، والتي بلغ عدد أفرادها في القرن العشرين نحو 300 رجل يمارسون نظاماً دكتاتورياً استبدادياً، ويعملون وفق خطة قديمة مرسومة للسيطرة على العالم، وهم اليد الخفية المحركة للأحداث والثورات والحروب العالمية.
وفاة هذا الكاتب الأسكتلندي الغامضة، والتي فسرها البعض إما بكونها اغتيالاً أو انتحاراً، فتحت الأعين على هذا الكتاب، حتى إن مؤلفاً كندياً قام في عام 1955 بإصدار كتاب مشابه بعنوان “أحجار على رقعة الشطرنج”، يكشف فيه دور المنظمات السرية العالمية في صنع الحروب والثورات وافتعال الأزمات الاقتصادية وابتزاز أصحاب المناصب والوزارات.
أسماء كثيرة يتداولها الناس حين يأتي الحديث عن حكومة خفية تدير العالم، بعضهم يطلق عليهم اسم “الروتشيلديين”، وآخرون يسمونهم “الماسونيين”، لكن يبقى الإجماع على كونهم هيئة خفية تحكم الشعوب بواسطة عملائها، ولا تتوانى عن قتل أو تحطيم كل مسؤول يحاول الخروج عن طاعتها ونفوذها!
اليوم وفي ظل النظام الصحي الدكتاتوري الذي ساد العالم بفعل الكورونا، أصبح العالم بأكمله محكوماً باشتراطات وقيود صحية صارمة تبعث الدهشة من الكيفية التي جعلت الناس يمارسون انضباطاً صارماً وطوعياً، وبشكل لم تشهده حتى أكثر المعسكرات صرامة وانتظاماً! بل إن أحداً لا يجرؤ اليوم على طرح سؤال أو الاعتراض على أي من الإجراءات الصحية أو الاقتصادية الكورونية، لأنه سيخرج بذلك من منظومة الانضباط والاحتياطي العالمي الذي أجمع عليه الكل.
إذا وبحسب فكرة حكومة العالم الخفية، لا الصين ولا الولايات المتحدة هي من تدير العالم، فالعالم وكما عبر عن ذلك رئيس وزراء بريطانيا عام 1844 حين قال: “إن العالم محكوم بأشخاص مختلفين اختلافاً شديداً عما يتخيلهم الناس الذين لا يعلمون بواطن الأمور، وهذا يعني أنهم ليسوا الملوك أو وزراءهم”، ثم يتساءل: من هم أولئك الحكام؟ والجواب بالنسبة له آنذاك أن هذا سر ينبغي معرفته حتى يستطيع العالم السيطرة عليهم وفرض السلام!
تبقى “حكومة العالم الخفية” مجرد نظرية كتب حولها البعض، لكنها نظرية يعيد إحياءها مناخ كورونا الذي أخضع كل الشعوب لنظام واحد وصارم ودكتاتوري إلى حد كبير.
