نبوءات هوليوود

نبوءات هوليوود
للسينما قطعاً أدوار أخرى بخلاف التسلية والترفيه، خصوصاً السينما الهوليودية، التي لعبت دوراً مهماً جداً في تشكيل الوعي الجمعي، الذي ساد بنمطيته العالم من شرقه إلى غربه. فهوليوود فرضت مقاساتها الخاصة بالجمال، ووضعت معاييرها الأخلاقية، بل وتدخلت في علم اللغة، حين أخرجت مفردات لغوية فرضتها فرضاً على قواميس اللغة، ولكن كل ذلك لا يشكّل أهمية مقارنة بالدور الذي لعبته، ولا تزال سينما هوليوود في الترويج لرؤى ومشاريع سياسية، وفكرية وعلمية تخرج علينا بشكل أفلام ومسلسلات خيال علمي لا نرى فيه حقائق إلى أن يصدمنا بتحوله إلى واقع.
أفلام الخيال العلمي في الخمسينيات والستينيات كانت تتناول مواضيع كالإنسان الآلي وإمكانية استنساخ البشر، وتفوق التكنولوجيا على العقل البشري، والعودة بالزمن وغير ذلك، وأغلبية هذه المواضيع أصبحت اليوم واقعاً، من المرأة الآلية “صوفيا”، إلى النعجة المستنسخة “دولي”، والثورة التكنولوجية المبهرة! فكما لو كانت هوليوود تعد أجيال تلك الحقبة لتقبل ما سيحمله المستقبل من تفوق علمي نعيش تفاصيله اليوم.
من يتابع أفلام هوليوود منذ فجر الألفية فسيجد أنها تزخر بالخيال العلمي، الذي يتناول التواصل مع “العالم الخارجي”، فمن “أفاتار” إلى “غرافيتي” وغيرهما، تتناول هوليوود مسألة الحياة في الكواكب والمجرات الأخرى بتفصيل مخيف، يشير إلى احتمال أن يكون مثل هذا التواصل قد حدث وإن كان لا يزال محاطاً بسرية شديدة! فقد أعلن أخيراً كبار علماء وكالة ناسا الأمريكية أنهم على أعتاب اكتشاف كائنات فضائية تعيش في الكون مع البشر، ويعتقدون أنهم على بُعد جيل واحد فقط من العثور على كائنات أخرى من مجرة “درب التبانة!”.
هوليوود إذاً تلعب دوراً مهماً جداً في تشكيل الوعي في العالم كله، سواء كان ذلك بصورة خيرة أم شريرة! ومن المعروف أنه مع نهاية الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة الأمريكية تملك نصف دور السينما في العالم، وتقول الأرقام إنه قد تردد على دور السينما هذه أثناء الحرب أكثر من 80 مليون أمريكي سنوياً، وأن الأفلام الأمريكية التي تم إنتاجها في فترة الحياد بين عام 1939 و1941 كانت مؤيدة للحلفاء ومعادية للنازيين! بل وقد أصدرت الحكومة الأمريكية في عام 1942 دليلاً موجهاً إلى هوليوود، يضم أنواع الموضوعات التي يمكن أن تخدم المجهود القومي، وأبرزها تصوير بطولات القوات الأمريكية، وتوضيح الأسباب التي تدفع أمريكا إلى الحرب، ووصف الأمم المتحدة وشعوبها!
نتذكر جميعاً أسلحة أبطال فيلم “حرب النجوم”، التي تشبه بشكل كبير الأسلحة، التي استخدمتها الولايات المتحدة في حروبها في المنطقة، فهل ستكشف لنا الأيام مخلوقات شبيهة بفيلم “أي تي” أو “أفاتار”؟!
