الصحة والبيئةقضايا الوطن

فلسفة الصيام

فلسفة الصيام

• فلسفة الصيام مرتبطة بطبيعة الإنسان المخلوق كجسد وروح.
بدايةً، نود أن نهنئ الشعوب العربية والإسلامية كافة بقدوم شهر رمضان، قبل أن نخوض في فلسفة الصيام من جميع الأديان.
صيام المسيحية هو في أساسه صيام نباتي، حيث يتم الامتناع عن اللحوم ومنتجات الألبان والسمك، ويندرج تحته “الصوم الكبير” أو “صوم التوبة”، الذي يستمر لمدة 55 يوماً. أما اليهود فيصومون ستة أيام في السنة، أهمها صيام “الغفران” أو ما يطلق عليه “يوم كيبور” وصيام الثامن من أغسطس، الذي يحل في ذكرى خراب الهيكل المقدس، وأيضاً صيام الثالث عشر من نوفمبر أو صيام “جداليا” لإحياء ذكرى مقتل حاكم أورشليم، الذي ذبح بعد هدم الهيكل.
أما في البوذية، فإن الرهبان يصومون عن الطعام بعد وجبة الظهر، والهدف منه خلق نوع من ضبط النفس للمساعدة على التأمل! وفي الهندوسية يصوم أتباع الإله “شيفا” أيام الاثنين، بينما يصوم أتباع الإله “فيشنو” أيام الخميس!
هنالك فلسفة عميقة وراء الصيام الذي ورد في كل الأديان، أساس هذه الفلسفة مرتبط بطبيعة الإنسان كمخلوق يحمل في داخله كيانين؛ كيان مادي مرتبط بالجسد أو بالمادة التي تحتاج إلى مقومات محددة لبقائها واستمرارها، كالغذاء والسكن والملبس. وكيان لا مادي، أو روح دائماً ما تسعى إلى الارتقاء والكمال والتجرد من قيود المادة أو الجسد وشروطه.
تحقيق الموازنة بين هذين الكيانين هو رحلة الإنسان بين الميلاد والممات، وحصول الموازنة بين الروح والجسد هو التحدي الأكبر الذي يصل بالذين يحققونه إلى مرتبة الحكمة والارتقاء والفناء في المطلق!
أغلب الأديان تنص إما صراحة وإما ضمناً على أن التحرر الروحي أو الارتقاء والتجرد أو الإيمان المطلق لا يتحقق إلا حين تتحرر النفس من ارتباطها بالمادة وما ينتج عن مثل هذا الارتباط من وهم وطغيان للجانب المادي على الجانب اللامادي.
انصهار الروح والمادة هو رحلة كل الأديان وهو الرحلة التي يمارس فيها الناس طقوساً مختلفة كالصلاة والصيام وغيرهما، ولذلك يوصى كل السائرين في طريق المجاهدات والرياضات الروحية بالتجرد من التعلقات الجسدية وبشكل مفرط، مما يجعل الجسد منفصلاً عن الروح في هيئة ثنائية وهمية.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى