هل سيدافع الإسلاميون عن قناة سكوب

هل سيدافع الإسلاميون عن قناة “سكوب”؟
أكثر الذين انتفضوا احتجاجاً على إغلاق قناة اليوم” هم من المحسوبين على تيار الإسلام السياسي، وحيث تفاوتت تعليقاتهم بين كون الإغلاق تعتيماً إعلامياً على الأصوات الحرة، وبين كونه قراراً جائراً بحق من عمل للحرية، وتكميما للأفواه، حتى أن “حدس” – جناح الإخوان المسلمين في الكويت – اعتبرت إغلاق قناة اليوم” تضييقاً على الحريات!
بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع سياسة قناة “اليوم” فإننا نشجب أي فعل يحمل تحجيماً لحرية الرأي، ويتنافى مع أبسط مقومات الديمقراطية! خصوصاً في مرحلة أصبح فيها انتقال المعلومة وترويجها مفتوحاً وبلا حدود أو معوقات، مما يجعل من إجراء إغلاق محطة تلفزيونية أمراً غاية في السذاجة! لكن الواجب يستدعي هنا التذكير بحقيقة أفق الحرية الذي استند إليه الإسلام السياسي في شجبه لإغلاق المحطة! فهؤلاء لا يخفون أبداً توجهاتهم المتشددة ضد كل من يروج أو يحمل سلوكاً أو نهجاً مدنياً بحتاً، بالإضافة إلى ما يردده أقطابهم عن كون الديمقراطية التي تحتوي الحريات مسألة بدعة وضلالة.
مشكلة هذه التيارات أن الحرية ليست مبدأ في أجنداتهم، وإنما هي وسيلة للنيل من خصومهم حين تستدعي الحاجة إلى ذلك، فالحديث عن تكميم الأفواه والتعتيم الإعلامي ومصادرة الحريات، هو حديث فارغ المحتوى حين عمل هؤلاء على منع المفكرين والكتّاب من دخول البلاد، وحين طالبوا وأقروا حجب الجنسية عن غير المسلم، وحين أنكروا على الناس حقاً ضمنه الدستور من خلال الحرية في اختيار التعليم للأبناء! وحين “ناضلوا” لحجب الحق السياسي عن المرأة، وحين طالبوا بإعدام المسيء للذات الإلهية، وحين ضيقوا على الأخوة من أصحاب الملل الأخرى الحق في ممارسة الشعائر بحرية!
مشكلة الإسلام السياسي تكون بارزة وواضحة أكثر حين يستعينون بلهجة الآخرين ورؤيتهم ويستعيرونهما لتمرير برامجهم وخططهم! فالدفاع عن الحريات تبدو مفرداته كاللغة الأعجمية في مفردات خطب وتصريحات أقطاب الإسلام السياسي، وشتان ما بين موقف جمعية الخريجين، لسان حال المجتمع المدني الحقيقي، وبين تصريحات الإسلام السياسي، فجمعية الخريجين أدانت إغلاق القناة وذلك انطلاقاً من مبدأ راسخ في احترام الحريات والحقوق، وليس لهدف مرحلي ولمعركة سياسية آنية، ونحن لسنا ببعيدين عن موقف الجمعية حين تبنت عقد مؤتمر النهضة في مقرها على الرغم من اختلاف توجه الجمعية عن توجه القائمين على المؤتمر الذي وقف في وجه عقده عناصر من الإسلام السياسي داخل مجلس الأمة آنذاك!
خطاب جمعية الخريجين وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني في دفاعها عن حق قناة “اليوم” لن يختلف لو أن المنع طال حرية أي فرد أو أي محطة أو أي صحيفة، لأنه ينطلق من مبدأ راسخ بالحقوق والحريات، لكنني أكاد أجزم أن موقف الإسلام السياسي وفزعته المريبة لحرية قناة “اليوم”، لم يكن يأخذ المسار والحماس نفسيهما لو أن قرار الغلق طال محطة مثل “سكوب” مثلاً! هذا هو الفرق إذاً بين جهة ترى في الحرية حقاً للجميع، وأخرى ترى فيها معركة تخدم مرحلة عابرة وتنتهي بانتهائها!
