شئون عربية

نصف ثورة!

نصف ثورة!

لماذا لم تتحوَّل حركات التحرير وثورات التحرر إلى ديمقراطيات راسخة ومستقرة؟
ثورات التحرير من فيتنام إلى الجزائر وكوبا واليمن وليبيا.. وغيرها، لم تؤدِ إلى خلق دول ديمقراطية مستقرة.
عادة ما تعمل الثورة على خلق الحريات وترسيخ مبائها لدى شعوب الدول المعنية، لكنها في المنطقة العربية عجزت عن تحقيق ذلك، على الرغم من تكرارها، أي الثورات، فثورة في مصر وثورة في اليمن وأخرى في الجزائر وليبيا والسودان.. وهكذا، لكنها جميعاً لم تكن قطعاً ثورة بالمعنى اللفظي والمؤسسي لهذه المفردة، بل يمكن أن نطلق عليها أنصاف ثورات، أو مجرد انقلابات عسكرية تم إضفاء شرعية الثورة عليها.
وصف المؤرخ الأمريكي كرين بريتون في كتابه “تشريح الثورة” قائلاً: “إن الثورات تولد من الأمل، لا من اليأس”، أي عكس ما يتصوره كثيرون. فنحن نتصوَّر أن ثورات الربيع العربي تفجرت بفعل اليأس الكامن داخل النفس العربية، لكن وفقاً لرؤية بريتون يكون ربيع العرب مؤشراً على ولادة أمل جديد في الوجدان العربي لمستقبل أكثر أمناً واستقراراً.
لم تنجح الثورات العربية السابقة في تحقيق الاستقرار والأمن والديمقراطية، لأنها ثورات تميَّزت بقدرتها على الهدم فقط، هدم أنظمة شمولية كانت قائمة، لكنها لم تنجح في ثورة البناء، فتحوَّلت مصر، مثلاً، من ملكية إلى دولة عسكرية، وليبيا من ملكية إلى ديكتاتورية عظمى، والجزائر هي الأخرى ذات ثورة المليون شهيد التي لم تشفع شهادتهم لخلق الدولة الديمقراطية المنشودة، وكذلك كانت الحال في سوريا والعراق، واليمن.. وإلى آخره.
نراقب ثورات الربيع العربي التي أطلقها أمل صغير في قلب شاب تونسي، نراقبها وكلنا أمل أن تكون ثورات بناء، وخاصة مع ما أضفته هذه الثورات من مغزى إنساني وبُعد فلسفي حرر الشعوب العربية من هاجس اليأس والخنوع والاستسلام، وأطلق آمالهم باتجاه الأمل في ولادة مستقبل أفضل.
لقد حققت الثورات العربية السابقة تحرراً من سلطة المحتل الأجنبي، لكنها لم تغص في وجدان المواطن العربي.
واليوم تأتي ثورات الربيع العربي، لتجعل الأمة سيّدة قرارها، فتزرع بذور الأمل في المستقبل المقبل، وتفرض تغييراً جذرياً في بنية العرب السياسية والاجتماعية.
فهل يكتمل معها حلم العرب، بأن تتحوَّل أنصاف ثوراته السابقة إلى ثورات شاملة ومكتملة؟
لا نملك إلا أن ننتظر ونأمل.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى