ملفات ساخنة

مسكين العراق وشعبه

مسكين العراق وشعبه

في الندوة التي احتوتها أرض الكويت حول مستقبل العلاقات الكويتية ـ العراقية، فجر المعارض العراقي الشيخ محمد بحر العلوم قضية هامة تمس العراق والشعب العراقي بالدرجة الأولى، وهي قضية تتعلق بمبادرة بعض الدول الخليجية لإعادة العلاقة مع العراق في ظل وجود النظام الحالي بقيادة صدام حسين.
فقد قال الشيخ محمد بحر العلوم: “إن منشأ معاناة الشعبين العراقي والكويتي هو عدوانية وهمجية النظام الحاكم في بغداد، وإذا كانت الفرصة قد تهيأت للشعب الكويتي لكي يستعيد عافيته، فإن الخراب والفقر والمرض لا تزال تفترس أرض العراق وشعبه، لذا، فإنني أناشد وزير قطر وأسأله بصراحة: ما الذي تبدل من عدوانية صدام منذ أن قمتم بإعادة العلاقات معه، بما يمثله ذلك من دعم لاضطهاد الشعب العراقي أولاً، والكويت كذلك، حيث لا يزال يفخر بالاعتداء على الكويت، بل ويشترط النظام بالمرشح للبرلمان أن يؤمن إيماناً كاملاً بأم المعارك، فما هي أم المعارك؟ نحن أعلم منكم بكلبنا، فهذا الإنسان لن يصلح ولابد من إزالته، فلماذا هذا التهافت على محاولة جر العراق الدكتاتوري مع التطبيع والقمة العربية، فهذا الموقف يمثل اعتداء على شعبنا العراقي أولاً”.
كان ذلك ما قاله الشيخ محمد بحر العلوم في مجمل نقده لمصالحة بعض دول الخليج مع نظام بغداد الذي لا يزال يضطهد ويقتل ويشرد أبناء الشعب العراقي! ويدمر الأرض والبيئة والإنسان! وهو أمر يجعل من المصالحة مع العراق في ظل النظام الحالي تحمل انتهاكاً للحق العراقي في العيش بكرامة وحرية وعدالة! لأن أي تطبيع في وجود صدام حسين، هو تطبيع مع صدام حسين وليس مع العراق، وأي رفع للحصار تحت راية النظام السياسي القائم في بغداد هو رفع للحصار عن صدام حسين، وليس عن الشعب العراقي، وأي إنهاء لأزمة العراق الحالية، هو غفران وإنهاء لأزمة نظام صدام حسين وليس للعراق وشعبه فيها شأن على الإطلاق!
إن مشكلة العراق الحقيقية أن البعض ينسى أو يتناسى أن أزمة الشعب العراقي هي في استمرار نظامه القائم، وليست في الحصار ولا في العقوبات الاقتصادية ولا في فرق التفتيش الدولية عن أسلحة صدام حسين الذكية والغبية! لذا، فإن أي تعامل أو تعاون أو تطبيع مع العراق في ظل نظامه القائم، هو إساءة مباشرة للشعب العراقي، ومساهمة أكيدة في استمرار وبقاء المعاناة العراقية! لذا، فمن الطبيعي أن يثور معارض عراقي كالشيخ محمد بحر العلوم في وجه الساعين إلى التطبيع مع العراق الآن، وذلك لإدراكه أن في ذلك ترسيخاً واعترافاً بصدام حسين، وبنظامه القائم!
في حديث لرئيس وزراء الأردن السابق عبدالكريم الكباريتي أجرته معه جريدة الرأي العام ما يشير إلى ذلك الواقع المحزن في التعامل مع الشأن العراقي، والذي أصبح طاغياً وبكل أسف، على الكثير من الخطابات السياسية العربية! يقول عبدالكريم الكباريتي: إن قضية الأسرى الكويتيين هي حجر العثرة الرئيسة أمام تطبيع العلاقات العراقية ـ الكويتية. وقال: “إن تمكنا من حل هذا الموضوع يتمكن العراق من أخذ دوره الطبيعي في محيطه العربي”.
وإذ كنا كدولة وكشعب نثمن لعبدالكريم الكباريتي موقفه وتعاطفه مع قضية الأسرى الكويتيين، إلا أننا لا نتصور مثله أن خطيئة صدام حسين هي في احتجازه للأسرى الكويتيين فقط، وإلا نكون قد تراجعنا بجرائم صدام حسين وقلصناها كماً ونوعاً!
مسكين العراق حين أصبح صدام حسين مرادفاً له وللشعب العراقي في نظر بعض الوطنيين العرب والخليجيين! ومسكين الشعب العراقي حين ربط بعضهم خلاصه بالتطبيع مع طاغيته وجلاده والمتسبب الأول في معاناته وقهره، أو كما أسماه بحر العلوم “الكلب العراقي”!

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى