ملفات ساخنة

ليبرالية الإسلام السياسي

ليبرالية الإسلام السياسي

ورد كثيراً في مقالات لكتاب، وفي مقابلات حية في الأجهزة الإعلامية، مصطلحات مثل: قادة العمل الإسلامي، والإسلاميون، والقواعد الإسلامية، وطلاب الجامعة الإسلاميون، والجماعات الإسلامية، وغير ذلك مما يأتي تحت شعار الصحوة الإسلامية!
والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل متابع هو الطرف المقابل لتلك المسميات، بمعنى آخر: هل المقابل للإسلاميين، هم من الملحدين، وهل طلاب الجامعة الذين لا ينتمون إلى الإسلاميين هم من الكفار والمشركين؟
من المؤكد أن خطاب الإسلام السياسي يهدف إلى فرز المجتمع إلى قسمين: قسم أهل الصحوة، على حد تعبيره، وقسم الجاهلية الجديدة، ومثل هذا الفرز واضح في طروحات الإسلام السياسي ومنهجه وخطابه، وإن لم يكن دائماً صريحاً ومعلناً!
لكن في الحقيقة هنالك فرزاً جديداً آخذاً في التشكل والظهور حول مظاهر الدين الحقيقية، أو بين الدين كما أصبح ممارساً الآن وبشكل آيديولوجي متخم بالمنفعة الدنيوية، وبين الدين كعقيدة وفهم وتأويل سامٍ وموضوعي بعيد عن المصالح السياسية والاقتصادية النفعية البحتة!
المظهر الجديد للدين هو مظهر خارج من رحم إخفاقات تيار الإسلام السياسي عن ممارسة الدين بتجرد ويقين خالص، وهو المظهر الذي يطمح مريدوه إلى العودة بالدين إلى جوهره الحقيقي المتمثل في دعمه للعدل والمساواة والحرية والتقدم!
لقد استطاع تيار الإسلام السياسي، من خلال ادعائه وترهيبه للمجتمعات الإسلامية من مغبة الانزلاق في حضن العلمانية، أن يجمع بين قوة الدين ونفوذ الدولة، بشكل أمّن له امتداداً هائلاً، وكان سلاحه دائماً هو الادعاء بحماية المجتمعات الإسلامية من شرور الفكر الغربي، ودنس الحضارة الأوروبية الغربية!
لقد حاول تيار الإسلام السياسي في الانتخابات الكويتية الأخيرة أن يزاوج بين طموحاته السياسية، الرامية إلى السيطرة على مجلس الأمة وعلى الشارع السياسي، وبين ما يصفه بقشور الحضارة الغربية، فأصبحت شعاراته تدور في فلك حماية الحريات العامة، والدفاع عن حرية الرأي، وغير ذلك من مبادئ (ليبرالية) بحتة، بدلاً من الشعارات التقليدية التي عُرف بها، والتي تنحصر في التمسك بالشريعة، والدفاع عن الدين، والتي لم تكن في الحقيقة سوى غطاء لمشاريع سياسية دنيوية بحتة! لذلك فقد كان اعتراضه وشجبه لدخول المرأة للمجلس سافرة، تسجيلاً لموقف هذه المرة وليس أكثر!
لقد ترجمت الانتخابات الأخيرة، درجة وعي الناس بما يتعلق بالفرق بين الدين كممارسة عقائدية وإيمانية، وبين الدين كممارسة سياسية، ولم تعد اتهامات الإسلام السياسي لكل من يختلف معه بكونه محرضاً على الرذيلة، ومعارضاً لتطبيق الشريعة، لم تعد سارية المفعول، خاصة في ظل مجتمع كالمجتمع الكويتي المسلم بعقيدته وبتعامله ويقينه!

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى