لجنة الظواهر السلبية.. بدعة!

لجنة الظواهر السلبية.. بدعة!
لم أتمالك نفسي عن الضحك وأنا أقرأ ضوابط الرياضة النسائية! والأنكى والأمر أن إحدى الصحف جعلت عنوانها الرئيسي “مهزلة الضوابط” هذه، في حين تراجع خبر انطلاق مرحلة تنفيذ خطة التنمية إلى قاع الصفحة الأولى! وهو أمر يشير ويعكس حجم التراجع المخيف في أولوياتنا وبشكل جعل خبر شروط إدارة الافتاء في وزارة الأوقاف لممارسة المرأة الرياضة يفوق في أهميته اجتماعاً تاريخياً حضرته جميع قيادات الدولة لإعلان البدء بتنفيذ خطة التنمية التي انتظرناها طويلاً!
شخصياً لا أعلم بعد ما هو دخل إدارة الإفتاء في الرياضة، ولا أفهم المعايير التي بنى عليها مفتو الأوقاف فتواهم، هذا بالإضافة إلى الميزانية الضخمة التي ستتكبدها الدولة جراء ذلك، فيما لو تم – لا سمح الله – الأخذ بفتواهم! ومثل ما حدث في مشروع جامعة الشدادية الذي كلف الدولة، بسبب قانون التخلف الداعي لفصل الجنسين، الملايين من الدنانير والتي كان بالإمكان استثمارها لتطوير مؤسسات التعليم العالي المتهالكة أصلاً!
لقد قفزت “إنجازات” لجنة الظواهر السلبية في الكويت إلى الوراء وبشكل أخل بأولوياتنا، وجعل قضايانا الرئيسية تنحصر في تكبيل المجتمع وتقييده، وإعادة المرأة إلى عصور ما قبل التاريخ، وإعاقة التنمية بشكل مخيف! فجدلية “الالتزام بأحكام الشريعة” أصبحت شماعة يختصر بواسطتها الإسلام السياسي معاركه وخلافاته السياسية، بل ولم يسلم من الأمر هنا حتى الصندوق الكويتي للتنمية، والذي يصر هؤلاء على ضرورة التزامه بأحكام الشريعة، على الرغم مما يشكله هذا الصندوق من واجهة حضارية للكويت يشهد لها العالم كله!
المعركة الآن ليست فقط مع لجنة الظواهر السلبية ومناصريها من داخل مجلس الأمة وخارجه، وإنما هي مع الفكر الذي سمح أصلاً بولادة لجنة بهذه الصورة، ومن داخل بيت الأمة الذي يفترض أن يكون المؤسسة الراعية لحقوق الجميع، أقليات كانوا أم أكثرية!
لجنة الظواهر السلبية، وضوابطها تعني خروجاً وبشكل مباشر عن أحكام الدستور وجوهره الذي ينص على حماية الحريات واحترام الحقوق! لذلك فإن انبثاقها من قلب المجلس يعني اختراقاً وتهميشاً للدستور الذي أقسم نواب لجنة الظواهر، بالله على احترامه وصيانته!
أهداف اللجنة أصلاً مبهمة كما مسماها، لأن مفهوم السلبية في المظاهر هو بلاشك مفهوم غير ثابت ومطاطي، وهو مرتبط بالثقافة بشكل كبير، ونحن هنا في الكويت وبحكم تمددنا السكاني ونمونا، أصبحنا شعباً متعدد الثقافات، وبذلك تكون عملية وضع معايير ثابتة لماهية الظواهر السلبية عملية شاقة وغير منصفة إطلاقاً! أما إذا ما اعتبر مريدو لجنة الظواهر السلبية ومؤسسوها الاعتماد على الشريعة والشرع في تحديد أطرها، فإن ذلك يحتمل إجابتين؛ الأولى أننا دولة مدنية، لها دستور مدني وقوانين وتشريعات مدنية، والثانية، أن الشرع بهذا الصدد خاضع لاحتكام وتقدير الطوائف المختلفة التي يتبعها الكويتيون.
لجنة الظواهر السلبية بدعة بمقياس الدستور، والدولة الكويتية المدنية والتي ينص دستورها الذي أقسم عليه نواب لجنة الظواهر باحترام حقوق الأقليات وحرياتهم!
