كتاب الدكتور محمد

كتاب الدكتور محمد

في الأسبوع الماضي توجهت إلى مكتبة الجامعة في الشويخ للبحث عن بعض المعلومات المتعلقة بمستشفى الإرسالية الأمريكية في الكويت، وبالتحديد عن الدكتور “لويس اسكندر” المعروف جداً لدى أهل الكويت، وبالصدفة التقيت بإحدى الزميلات، التي ما إن عرفت غرضي من زيارة المكتبة حتى بادرتني بقولها: “لك عندي كتاب صدر حديثاً، يختزل في محتوياته كل ما ترغبين في البحث عنه لما يتعلق بالطب تاريخاً وحاضراً في الكويت، وفي غيرها من دول العالم”.
وبالفعل، فقد أرسلت لي نسختها الخاصة من كتاب “الوسيط في الطب والقانون” للدكتور محمد خالد المشعان ـ استشاري جراحة المسالك البولية ورئيس قسم الجراحة في مستشفى الصباح.
استلمت الكتاب ووجدت فيه المعلومات التي كنت أبحث عنها في مكتبة الجامعة، لكنني لم أستطع التوقف عند ما كنت أبحث عنه من معلومة، فالكتاب أكثر من مشوق ومفيد، بحيث لا يمكن للقارئ أن يستخرج منه ما يريد من معلومات فقط دون أن يشده السياق العام للكتاب والمعلومات الوفيرة والمفيدة التي احتواها كتاب الدكتور محمد من جلدته الأولى وحتى ختامه!
أهمية الكتاب تأتي من كونه صالحاً للاستخدام الأكاديمي، كما للقراءة الحرة، وهو فريد من حيث أنه يأتي بقلم طبيب تفنن في تشريح عالم الطب تاريخاً وحاضراً، تماماً كما تفنن ونجح في تشريح الجسم البشري وإبراز علله وعلاجه!
يتحدث الكتاب عن النشأة التاريخية لمهنة الطب ثم ظهور هذه المهنة في الكويت مع الإشارة إلى القوانين المرتبطة بهذه المهنة، كما يلقي الضوء على الطب الشرعي نشأة وتاريخاً في الكويت وأهمية هذا التخصص في مجال إثبات الخطأ الطبي.
كما يعرج الكتاب على القانون، موضحاً المسلك التاريخي للقانون منذ الأزل وبصورة موجزة وأيضاً تاريخ القضاء في الكويت، أما النصيب الوافر من التوضيح فقد صب في أخلاقيات المهنة الطبية والمسؤوليات وأيضاً المضاعفات والأخطاء الطبية، حيث يختم الدكتور محمد المشعان كتابه بنشر عدد من حالات الأخطاء الطبية التي قال القضاء فيها الحكم العادل.
من الناحية الأكاديمية، يوفر الكتاب مرجعية مفيدة وفي غاية الأهمية لأي طالب طب في الكويت، حيث يستعرض كمّاً هائلاً من التعريفات والشروح بأسلوب أكاديمي وتثقيفي سلس وزاخر بالمعلومة، وهو أيضاً ضرورة لأي دكتور وافد يعمل في مستشفيات الكويت ويتعامل مع مرضاها على اختلاف خلفياتهم الاجتماعية! حيث يستعرض النظام الصحي في دولة الكويت عبر مراحلها التاريخية بدءاً بقيام الإمارة في عام 1613 وإلى وقتنا الحاضر، ويطرح بالتفصيل خطوات ومراحل تطور نظام الطب الحديث التي بدأت عام 1910 في المستشفى الأمريكي وكلها معلومات قيمة وهامة تجعل من الضرورة على كلية الطب ووزارة الصحة والجمعية الطبية أن تتبنى هذا المشروع الجيد!
أما من الناحية الفنية فقد أثبت الدكتور محمد المشعان أن الطبيب الجراح لا يفقد حسه باللغة وإحساسه بالجمال حتى وهو يتعرض للجانب المحزن من الإنسان، وأعني بذلك الجانب التشريحي والمرضي، حيث يستمتع القارئ عبر أبواب الكتاب وفصوله بسلاسة اللغة ومفرداتها التي تنافس الأعمال الروائية والقصصية!
مما لا شك فيه أن كتاباً ككتاب الدكتور محمد خالد المشعان “الوسيط في الطب والقانون” يأتي ليثري المكتبة الكويتية التي أصبحت تفخر بثلة من المبدعين من الروائيين وغيرهم وهو كتاب يذكرنا بضرورة تبني مثل هذه العقول النيرة والمستنيرة التي تعتبر ثروة من ثروات هذه الأرض الطيبة!
فشكراً للدكتور محمد المشعان على كتابه القيم، وعلى قلمه الذكي الذي شرح لنا تاريخ وواقع ومشاكل الطب في الكويت، تماماً كما شرح من قبل عللنا وأزماتنا الصحية.