عام1979

عام1979
أثارت إشارة ولي العهد السعودي إلى عام 1979، حين قال في لقاء تلفزيوني “نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979″، العديد من التساؤلات حول الأسباب التي دعته إلى تحديد تلك الحقبة الزمنية. ومع ذلك، فإن تناول تلك الحقبة قد سبق أن تطرّق إليه مفكرون وكتّاب؛ باعتبارها (أي حقبة 1979) تشكّل منعطفاً مهمّاً في تاريخ المنطقة بشكل عام، فلقد سبق للمفكّر أستاذ الفلسفة الدكتور مراد وهبة أن تناول ذلك في كتاب “زمن الأصولية: رؤية للقرن العشرين”، الذي قارن فيه بين الليبرالية والأصولية وتوقّف فيه عند عام 1979، الذي رأى فيه العام الذي سيطرت خلاله الأصوليات الدينية على المجالات السياسية والفكرية والدينية.
كانت البداية كما رأى الدكتور مراد وهبة في غزو السوفيت أفغانستان، وهو الذي أدى في ما بعد إلى تدمير الاتحاد السوفيتي، وفي ذلك العام بدأت أمريكا في دعم الأصولية الإسلامية، ومعه تخرجت الجماعات المتشدّدة، مثل “طالبان”، وغيرها، وهيمن الفكر “الجهادي” على الساحة منذ ذلك العام، عام 1979، ولا يزال.
يقول الدكتور مراد وهبة إن الأصولية اقتحمت الجزائر حينما قرر الشاذلي بن جديد دعم الأصولية الإسلامية ودعم الشيخ محمد الغزالي، المعروف بمباركته مقتل المفكر فرج فودة، وعيّنه أستاذاً في الجامعة. وفي 1979 تنامت جماعات الإسلام السياسي في مصر، بعد أن أطلق الرئيس “المؤمن” أنور السادات يدها لمواجهة التيارات اليسارية في الجامعات آنذاك.
كثيرة هي الأحداث والتفاصيل التي تجعل من عام 1979 عام انطلاق الأصولية وثقافة الجهاد وخزعبلات قدسية المجاهدين في أفغانستان الذين كانت “أجسادهم الطاهرة لا تتعفّن، بل تصدر عنها رائحة المسك والعنبر”.
المشكلة أن إفرازات 1979 لا تمكن مواجهتها بقرارات اقتصادية أو عمرانية أو مشاريع تنموية أو مجمعات تجارية، فهي في النهاية إفرازات تغلغلت فكرياً وأصبحت جزءاً من ثقافة جيل كامل ووعي أمة تراجعت أولوياتها بشكل ملحوظ انعكس، وبشكل واضح على كل الشؤون الحياتية. ما نحتاج إليه حقّاً لنتجاوز حقبة 1979 هو ثورة اجتماعية وفكرية ونفسية وثقافية، وليس ثورة عمرانية تتكدّس فيها كل أشكال الغلو الاستهلاكي كمحاولة خاطئة لمكافحة الغلو الديني!
