الأدب والثقافة والفنقضايا الوطن

عالم مسلسلات

عالم مسلسلات

مع ختام شهر رمضان تبدأ المجالس والصحف في استعراض ونقد الأعمال والبرامج التلفزيونية الرمضانية وبالأخص المسلسلات التلفزيونية التي لم تعد مجرد أعمال فنية مسلية فقط وإنما أعمال تثير قضايا وتحرك نزاعاً قد يصل إلى حد استجواب ومساءلة وزراء ومسؤولين، وكما يحدث الآن في الكويت إثر إصرار تيار الإسلام السياسي على استجواب وزير الإعلام بسبب موافقته على عرض المسلسل التاريخي “خالد بن الوليد“، والذي أثار عرضه ما أثار من جدل واسع داخل صفوف المتأسلمين؟
الإنتاج السينمائي، وبالأخص التلفزيوني، أصبح تجارة تدر أموالاً طائلة! لهذا فهي تجارة تمر الآن بمخاض عسير يكون فيه المشاهد والذوق العام هما الحكم والفيصل بين ما يمكن أن يستمر من إنتاج وبين ما يجب أن يتوقف!
الأعمال التلفزيونية الخليجية أصبحت اليوم ذائعة الصيت ومنتشرة في كل أرجاء العالم العربي لأسباب يعود أغلبها إلى أن رؤوس الأموال التي تدير أغلب المحطات الفضائية العربية هي رؤوس أموال خليجية، وبذلك فإن تقييم تلك الأعمال وانتشارها لا علاقة لهما بمسألة الجودة والإبداع السينمائي والفني.
لكن ذلك لا يعفي المشرفين والمنتجين من المسؤولية عن تلك الأعمال لجهة ضرورة الالتزام بمعايير وشروط الإخراج الفني الجيد والعمل الدرامي المتماسك والمتجانس، لكن على ما يبدو إن كبار النقاد الفنيين في العالم العربي يدركون مسبقاً أسباب “تفوق” وانتشار المسلسل التلفزيوني الخليجي ويعلمون أن مثل هذا “التفوق” لا علاقة له بالتقييم الفني المعتاد، لذلك فهم يتجاهلون تقييمه بصورة موضوعية ومجردة، فنحن لم نسمع إلا فيما ندر عن ناقد سينمائي عربي مشهور وله باع طويل في عالم النقد تناول أياً من المسلسلات الخليجية في عملية نقد جادة وبناءة.
الأسباب، وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، تعود إلى أن المسلسلات الخليجية لا تتعدى فيما تطرحه من قضايا أموراً هامشية لا تنطق ولا تعكس القضايا الجوهرية في المجتمع الخليجي بشكل عام!
المسلسل العربي “العندليب” الذي يستعرض حياة الفنان الراحل عبدالحليم حافظ يقدم عرضاً شيقاً واستعراضاً تاريخياً موثقاً لأحداث سياسية مصرية وعربية، تزامن حدوثها مع انطلاقته، منها على سبيل المثال نشأة حركة الإخوان المسلمين في مصر وانطلاقها والنضال المصري في وجه الاحتلال الإنكليزي، وأيضاً تفاصيل الحروب العربية مع إسرائيل، والثورة المصرية بكل إرهاصاتها وتبعاتها، كل ذلك في سياق رحلة في حياة الفنان الراحل مما أعطى للمسلسل ثقلاً وبعداً يجعلانه ثرياً بخلفية تاريخية مهمة.
ونحن في الخليج لا نفتقر لمثل هذه اللوحات الخلفية التاريخية التي في الإمكان استثمارها بصورة مثمرة وبشكل جيد في مسلسلاتنا، لعل ذلك يخرج تلك المسلسلات من محيطها الضيق الذي لا يتجاوز التفاهات التي يبثها المشرفون والمنتجون لتلك المسلسلات إلى محيط أوسع وأشمل يطرح ويتناول قضايا مهمة – وما أكثرها – تؤرق المواطن الخليجي وتستقر في أولويات اهتماماته.
لعل ذلك يوثق الأعمال التلفزيونية الخليجية في أرشيف الإبداعات العربية الفنية ويجعلها تمارس فناً وليس تجارة تدر مالاً وربحاً فقط.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى