ملفات ساخنة

ساعة الحقيقة!!

ساعة الحقيقة!!

كلما قرأت كتابات الأخ “حمد المالكي” حول العراق، والمآسي والكوارث التي يعاني منها المواطن العراقي ويئن تحت وطأتها الشعب العراقي بأطفاله وبشيوخه ونسائه. أجدني دائماً أمام سؤال حائر حول سبب استمرار الوضع القائم في العراق!! وأسئلة أخرى كثيرة حول المناخ الذي ضمن لأقطاب النظام العراقي وللقيادة البعثية تلك السيطرة الطويلة على أرض العراق وأهله بالرغم من كل ما تشكله انتهاكات النظام العراقي لأبسط الحقوق والحريات من قاعدة وأرض خصبة للثورة على ذلك النظام وللتمرد على ظلمه وإرهابه!! فالذي يحدث على أرض العراق من قتل وإرهاب وتشريد وتجويع بإمكانه أن يولد أعنف حركات التمرد وأشرسها طبقاً للطبيعة البشرية التي تزداد شراستها تحت العنف، وكذلك طبقاً لقانون الفيزياء الذي يؤكد بأن الضغط يولد انفجاراً لا محالة!! لكن ذلك لم يحدث بل إن الوضع يزداد سوءاً، ويطول استمراراً، ولا يزال يبيح لمنتهكي الحق العراقي في العيش والحياة بأن يشتروا بإرهابهم رغبة الشعب وقبوله وكما رأينا في انتخابات المجلس الوطني الأخيرة التي توجت عدي صدام حسين بقبول شعبي مطلق!!
وقد جاءتني الإجابة عن بعض تلك التساؤلات من خلال الإعلان البحريني الأخير المتعلق بإعادة فتح سفارتها المغلقة في بغداد، لتكون بذلك ثالث دولة في مجلس التعاون الخليجي بعد عُمان وقطر لها تمثيل دبلوماسي في العراق أو بعبارة أصح مع نظام صدام حسين!! لأن العراق الحالي ليس عراق الشعب والتاريخ، وإنما ثكنة عسكرية ومحمية إرهابية تؤوي حزب البعث الحاكم وأقطابه!! ويؤسفنا هنا – لكنها الحقيقة – القول بأن لا البحرين ولا قطر ولا عُمان ستتعامل مع العراق كدولة وكشعب وإنما مع نظام صدام حسين الذي لا يشمل ولا يمثل الشعب العراقي الذي تتذرع به تلك الدول في عودتها الدبلوماسية!!
فلا تعامل مع الشعب لأن لا قرار للشعب ولا انتماء طوعياً للحزب، وبما في ذلك قرار غزو الكويت!!
لعل أبرز التناقضات التي يمارسها العالم الغربي والعالم العربي في شرح الموقف من العراق في ظل النظام الحالي. إن الجميع لا يزال يشكك في الحاجة الحقيقية لتغيير صدام حسين!!
وفي كتاب لـ”كاظم حبيب” صدر في العالم 1995 بعنوان “ساعة الحقيقة.. مستقبل العراق بين النظام والمعارضة”، إشارات كثيرة لتلك المسألة حيث يقول الكاتب في مواقف الدول العربية من النظام والمعارضة ما يلي: “إن لوحة الوضع المستقبلي في العراق في ظل وجود قوى المعارضة العراقية في الحكم تبدو منذ الآن ولعدد كبير من حكومات الأقطار العربية، أكثر قتامة مما هي عليه الآن وفي ظل حكم صدام حسين الدموي”… ثم يورد الكاتب مجموعة من العوامل التي تؤكد حقيقة ذلك… منها أن النظام العراقي لم يعد يشكل ولفترة طويلة قادمة تهديداً فعلياً لجيران العراق بسبب مصاعبه المالية!! كما سيبقى العراق مشدوداً وتابعاً لقرارات الأمم المتحدة ومقيداً بديون خارجية وتعويضات بصورة ستقلص كثيراً من حرية حركة النظام في نشاطه السياسي والاقتصادي والعسكري!! أما ما يتعلق بالمعارضة العراقية الراهنة وبتياراتها المختلفة، فهي غير مقبولة تماماً من حكومات الدول العربية القائمة بل وتشكل خطراً عليها وغير محسوبة العواقب بالنسبة لها!! بل إن بعض الدول العربية قد ترفض أساساً مجيء القوى الديمقراطية والتقدمية إلى السلطة لما قد يحمله ذلك من تهديد غير مباشر لوجودها أيضاً!!
لذا فإن التناقض الذي أصبح يواجهه العالم بأكمله أن الإبقاء على صدام حسين هو أكثر ضماناً وسلاماً من الإطاحة به ومن ثم إثارة الأطماع التركية في شمال العراق وحقول النفط في كركوك.. أو مخاطر وصول قوى إسلامية شيعية إلى مواقع متحكمة في السلطة تخلق محوراً يعتبر خطراً لبعضها ويمتد من إيران عبر العراق إلى العلويين في سوريا والشيعة في لبنان ويخلق متاعب لا حصر لها ولا يمكن تقدير عواقبها اللاحقة بالنسبة لدول المنطقة!!
مشكلة العراق كما رآها “كاظم حبيب” في “ساعة الحقيقة” إن خلاصه لا يزال غالباً بسبب جملة من التناقضات والصراعات السائدة، ولأن كل الحلول المطروحة لا تضع في الاعتبار الشعب العراقي، ولن توفر له ما يتوق إليه من حرية وعدالة اجتماعية!! فالجميع متهم باغتصاب حق الشعب العراقي في الإطاحة بنظام صدام حسين، حتى وإن جاء برداء دبلوماسي لبق وأنيق!!

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى