شئون عربية

ديزني أول حصاد السلام

ديزني أول حصاد السلام

لم ينتصر العرب في أيٍّ من حروبهم ضد إسرائيل، ولا حتى في حرب 1973، والتي رأى البعض فيها امتداداً لمعارك الاستنزاف التي شنها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في أعقاب نكسة 1967، وبأنها جاءت كانتصار في معركة فقط وليس في حرب، بينما يرى البعض الآخر أنها بداية لمشروع السلام العربي ـ الإسرائيلي، والذي دشنه اجتماع أنور السادات مع بيغن في عام 1978.
إذن لم يحقق العرب نصراً عسكرياً في وجه الدولة الصهيونية، وإن كانوا قد حققوا انتصارات مذهلة ورائعة في معاركهم الاقتصادية ضد إسرائيل، وذلك من خلال برامج المقاطعة لكل ما يتعلق بما تنتجه أو تزرعه أو تصنعه اليد العاملة الإسرائيلية أو رأس المال الصهيوني!
فلقد كان لمكتب مقاطعة إسرائيل في كل قطر عربي دور هام وناجح في محاصرة ومحاربة آلة الاقتصاد الإسرائيلية، كما كان لحماس الجماهير العربية دور رائد ونشط في تحقيق تلك المقاطعة، ابتداء من المواد الغذائية، ومروراً بأفلام هوليوود ونجومها، ووصولاً إلى الملابس والصناعات الاستهلاكية الأخرى!
وبطبيعة الحال، فقد تراجع ذلك الانتصار السياسي وتوقف مع بدء مسيرة السلام، ورفع العرب راية بيضاء ناصعة أمام كل ما ينتجه ويسوقه الاقتصاد ورأس المال الصهيوني، ولم يتبق من “مكاتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية” المنتشرة في كل الدول العربية سوى عنوانها واسمها الشكلي البحت الخالي من مغزاه ودلالاته السابقة!
اليوم وفي ظل نشوة المهرولين إلى طاولة مفاوضات السلام، الذين لم يترددوا عن اتهام أولئك المشككين في جدوى السلام بصفات تفاوتت بين كونهم دعاة حروب ودمار، وبين كونهم فاقدي المرونة والدبلوماسية!
اليوم تتجلى حقائق ذلك المشروع السلمي الزائف، وتتضح الصورة أكثر حول ماهية السلام وشروطه وطبيعته من وجهة النظر الإسرائيلية! اليوم والعرب يقفون عاجزين عن الخروج بقرار حتى وإن كان مجرد إدانة شكلية للمشروع الصهيوني الرامي إلى تكريس القدس عاصمة لإسرائيل من خلال المعرض الذي تقيمه شركة “والت ديزني” بمركز “إبكوت” في فلوريدا ضمن احتفالات بقدوم عام 2000، حيث يؤكد الجناح الإسرائيلي على (عاصمته) القدس، ويعرض فيلماً عن تاريخ إسرائيل يحمل إهانة مباشرة للإسلام والمسلمين!
يحدث هذا اليوم والكرامة العربية سجينة طاولات المفاوضات الممتدة عبر مدريد وأوسلو، وجنيف، وواشنطن! ومسؤولو الجامعة العربية يستجدون شركة “والت ديزني” لتجري التعديلات المطلوبة على الجناح الإسرائيلي منعاً لإحراج مسيرة السلام ومفاوضات السلام العربي ـ الإسرائيلي! بينما يبحث بعض مهندسي السلام من ساسة العرب عن مخرج لا يدين إسرائيل، فيدينهم بذلك، فيقول أحدهم موضحاً إن موقف شركة “ديزني” من القدس لا يخول لإسرائيل أي شيء، لأنها مجرد شركة وليست دولة، لافتاً إلى أن إسرائيل تقوم بالدعاية لنفسها في كل مكان، وتقول إن القدس عاصمة لها!
الجناح الإسرائيلي لن يتغير، وسيعتبر المعرض مروجاً للقدس عاصمة لإسرائيل، لأن الموقف الإسرائيلي ثابت ولم يتغير لا قبل السلام ولا بعده.
أما الموقف العربي فسيبقى مكبلاً عاجزاً بما رسم لنفسه من دور! أما الدعوة لمقاطعة “والت ديزني”، والتي رفعها البعض وأصبح ينادي بها، فقد أصبحت من تراث الماضي يوم كان للعرب موقف وكرامة! أما ما حدث في الجناح الإسرائيلي في “والت ديزني” فهو بداية الحصاد لما بذر المهرولون وزرعوا، حين أعطوا القطفة الأولى الآن ودائماً لدولة إسرائيل.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى