شئون عربية

حركة التاريخ!

حركة التاريخ!

تفجّرت الثورات العربية في منطقة الشرق الأوسط منذ فجر الخمسينيات، وقد كان أشهرها على الإطلاق ثورة يوليو المصرية، وثورة المليون شهيد في الجزائر، وبالرغم من كل هذه الثورات، فإن العالم العربي لم يشهد تغييرات جذرية ولا تحولات سياسية مختلفة عما سبق من أنظمة حكم كانت قائمة، فجميع الثورات العربية السابقة عجزت عن تحقيق الشعارات التي طرحتها، وسواء كان في مصر أو العراق أو سوريا، أو المغرب العربي، فإن الثورة لم تقدم واقعاً مغايراً تماماً عما سبقه، بل تحولت شعارات الثورة إلى مادة يتشدق بها المثقفون العرب في مقاهيهم، وما أكثرها، وينظرون إليها في كتبهم ونداءاتهم، إلى أن آفاق الشارع العربي وأدركت الشعوب العربية أن النظريات الفصيحة والطروحات الحماسية لم توفر لهم رغيف الخبز، ولا فرصة العمل، ولا أياً من احتياجات المواطن المعيشية.
ولم تكن مصادفة أبداً أن يأتي غزو النظام العراقي للكويت كأحد عوامل إفاقة المواطن العربي، وإعادة الوعي إليه لما يتعلق بحرياته وحقوقه، فالتفريط في تلك الحقوق سيعني مباشرة السقوط في مأزق كالمأزق العراقي الذي يدفع شعبه الآن فاتورة التهاون عن الانتفاضة في وجه الظلم والدكتاتورية.
إن فشل التغيير في العالم العربي لا يعود إلى غياب الحركة والانتفاضة، فلقد شهدت المنطقة العربية ومنذ الثورة العربية الكبرى في عام 1919 تقلبات وثورات وانتفاضات كانت جميعها مواكبة لحركة التاريخ الحتمية، وكانت هناك رموز وطنية صادقة قادت تلك الثورات مثل جمال عبدالناصر وبن بلا وغيرهما، لكن سرعان ما انهار كل ذلك حين ارتطمت حركة التاريخ بمعوقات بعض الزعماء، ولتبدأ سلسلة الهزائم والانكسارات التي حجبت التغيير عن كل أنحاء العالم العربي!
الأحداث الأخيرة في مصر وتونس تؤكد أن حركة التاريخ لا يمكن أن تتوقف طويلاً عند أشباه الزعماء، وأنظمة الفساد والقمع، الذين قد يبطئون مسارها، لكنهم حتماً لن يقدروا على إيقافها.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى