جمعية الإصلاح ونادي الاستقلال

جمعية الإصلاح ونادي الاستقلال
حين أحرقت السلطة محتويات ووثائق نادي الاستقلال، لم تكن تدرك أنها قد دخلت نفقاً مظلماً بتحالفها مع تيارات الإسلام السياسي.
ففي يوم الأربعاء، الموافق 27 يوليو 1977، وبعد عدة محاولات لعرقلة عمل نادي الاستقلال، من خلال التدخل المباشر في تعيين مجلس إدارته، كشفت الحكومة في ذلك اليوم عمَّا كانت تضمره من نوايا مبيتة بحق نادي الاستقلال، حيث فوجئ أعضاؤه الذين كانوا يتوافدون إليه، كعادتهم كل مساء، بعربات مسلَّحة تحاصر النادي من الداخل والخارج، وكأن انقلاباً عسكرياً قد حدث، عربات مسلحة بمدافع رشاشة، وحرس يمنعون الأعضاء من الدخول، ويمنعون من هم في الداخل من الاعتراض عمَّا يجري من أحداث.
وعلى مرأى أعضاء النادي، الذين أصيبوا بالصدمة والذهول، باشرت لجنة التصفية التي شكَّلتها الحكومة، والتي تألفت من أربعة أعضاء بإخراج ما حوته مكتبة النادي الثمينة من كتب وموضوعات عن تاريخ الحركة الوطنية، ووضعتها في ساحة النادي، وأشعلت النيران فيها.
وفي 29 أغسطس من عام 1977 صدر القرار بأن تؤول أموال نادي الاستقلال، ومقره الواقع في منطقة حولي، إلى الجمعية الكويتية لرعاية المعاقين. (المصدر كتيب الحرية لنادي الاستقلال).
وبذلك، أعلنت السلطة رسمياً عن تحالفها مع قوى التيارات الدينية التي ساهمت، وبشكل مباشر، في تدهور الثقافة والتعليم والوعي، بل وحتى معايير الانتماء وشروطه.
هذا التحالف، الذي يبدو أن السلطة قد أدركت تبعاته أخيراً.
لعبت تيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جمعية الإصلاح لعبة المُصلح الوديع، مستغلة في ذلك طبيعة المجتمع المحافظ والتقليدي في وعيه ومطالبه. وبدأت أول ما بدأت في إضفاء هالة الورع والتقوى التي وصلت إلى قدسية بعض رموزها، ومنتسبيها، فأصبحنا نسمع عن جثث شهداء أفغانستان التي لا تتعفن، وتلك التي تفوح منها رائحة المسك والعنبر، وبدأت سلسلة طويلة من التضليل الذي لاقى استحساناً لدى شرائح كبيرة من المجتمع، ليس بسبب منطقية ذلك التضليل، وإنما لأن السلطة، بتحالفها مع تيارات الإسلام السياسي، قد أخمدت – وإلى الأبد – الصوت الآخر الذي كان يروي الأحداث بعقلانية ومنطقية العصر الحديث.
تتحمَّل السلطة كلفة ذلك التحالف المشين، والذي جرَّد البلد بسكانه من نعمة استخدام العقل، وأصبحنا معه كمجتمع نتعاطى الدين بالحيلة.
وخير دليل على ذلك آلاف المحجبات اللاتي يتحايلن على ما وضعته تيارات الإسلام السياسي من شروط للحجاب، بالإضافة إلى الطامحين مالياً، والذين مزجوا الدين بالقوانين الوضعية، وخرجوا ببنوك إسلامية لا تقل في دهائها وانتهازيتها عن البنوك الدنيوية.
مشكلة المشاكل حين يصبح الدين أداة بين أهل السياسة، والمشكلة الأكبر كانت حين تصوَّرت السلطة أن جمعية الإصلاح أقل ضرراً من نادي الاستقلال.

