قضايا الوطن

القهوة والموسيقى.. ولوياك

القهوة والموسيقى.. ولوياك

الموسيقى هي لغة الكون، فكل ما في الطبيعة يتحرك وفقاً لإيقاع موسيقي سلس، بدءاً من حركة الأجرام، وصولاً إلى نشاط أصغر خلية حية في أصغر كائن حي.
تحدث الفلاسفة في الموسيقى وحولها، فأبدعوا في وصفهم، فقال عنها أفلاطون إنها حركة أصوات للوصول بالروح إلى التربية والفضيلة، أما نيتشه فيرى أنه من دون الموسيقى تكون الحياة خطأ، بينما شبهها كاتب إنكليزي ساخر بأنها كخطاب الملائكة، أما الموسيقيون فقد قالوا فيها الكثير، حيث عبّر بيتهوفن عنها بكونها الإلهام الأعلى من كل حكمة وفلسفة، وقال عنها جيمي هندريكس إنها لا تكذب، وإنه إذا كان هناك شيء يمكن أن يتغير في هذا العالم فإنه لن يحدث إلا من خلال الموسيقى.
في الأسبوع الماضي أمتعتنا “لوياك” بحفل أحيته فرقة في المسرح المكشوف بحديقة الشهيد، وأعادتنا معه إلى عبق السبعينيات، حين انطلقت فرقة “آبا” الشهيرة، إذ أدت فرقة شبابية عرضاً لأجمل أغاني الآبا.
وللذين لا يعرفون “لوياك”، فهي منظمة غير ربحية، تأسست عام 2002 كمبادرة إيجابية من قبل مجموعة من السيدات في الكويت، رداً على أحداث العنف في أعقاب 11 سبتمبر، حيث رأى فريق “لوياك” أنه من الممكن خلق التغيير في نفوس الشباب ومواجهة العنف الموجود في العالم، ونشر قيمة السلام عن طريق إنشاء مجموعة من البرامج، التي تساعد في خلق شباب مستنير من أجل السلام والازدهار. ويذكر أن عدد المستفيدين من “لوياك” بلغ أكثر من 53 ألف شخص، منهم 24 ألفاً في الكويت وحدها، و29 ألفاً في الدول العربية الأخرى، وما يزيد على 8 آلاف في الدول النامية.
نعود إلى حفل حديقة الشهيد، الذي جاء بتنظيم من فريق “لابا” التابع لأكاديمية “لوياك”، هذا الفريق الذي يعتبر أول أكاديمية عربية خاصة للفنون الأدائية في الكويت، التي بدأت أعمالها في عام 2003، واشتهرت رسمياً كأكاديمية عام 2010، وهي متخصصة في تقديم ورش فنية في شتى مجالات الفنون كالتمثيل والموسيقى والغناء.
كان حضور الحفل مزيجاً من الشباب والأطفال والكبار، وبشكل يؤكد أن الموسيقى ليس لها عمر ولا زمن، فعلى الرغم من أن الحفل كان إحياء لموسيقى عاصرناها نحن جيل السبعينيات، فإن استمتاع الحضور من الشباب بهذا اللون من الموسيقى لم يقل عن استمتاع جيل الآباء الذي أتى بصحبتهم، فالموسيقى لا تشيخ ولا تترهل، بل تتسلل إلى وجدان كل الفئات العمرية وباختلاف الزمان والمكان، وقد شهدنا مثل هذا التفاعل الشبابي مع موسيقى الأمس في حفلات دار الأوبرا في الكويت، حين أحيت ليلتين ساهرتين، إحداهما تعود بالنغم إلى حقبة الأبيض والأسود من تاريخ الموسيقى العربية، والأخرى قدمت عرضاً لأبرز فنون وموسيقى الثمانينيات.
الموسيقى هي قيثارة الكون، وهي السلم الذي يتحكّم بحركة كل الأشياء، ويعود عميقاً في تاريخ البشر، حين نشأت الموسيقى وآلاتها على ضفاف النيل قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، وصدحت بها شعوب الكنعانيين والبابليين والفينيقيين.
فشكراً كبيرة “لوياك” و”لابا” على أمسية “الآبا” الجميلة، فالقهوة والموسيقى لا تبقيانا غرباء أبداً.
ستبقى الكويت درّة الخليج، وكلّ عام وأهلها بخير.

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى