“داعش”

وهكذا، تم تحويل الثورة في سوريا من نضال ضد نظام ديكتاتوري قمعي، إلى حروب ومعارك جزئية، جعلت المعارضة السورية منشغلة بالاشتباك مع تنظيم القاعدة، والوحدات التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام. والسؤال هنا عن هوية هذه الدولة الوليدة من رحم الحروب والقلاقل والنزاعات في المنطقة. من هم دولة العراق والشام؟ وأي إسلام يتبعونه؟ وما مشروعهم القادم؟ خاصة بعد أن أعلنت هذه الدولة الافتراضية عن حدودها، التي تمتد في بادئ الأمر من العراق إلى الشام، وبأنه سيكون لمواطنيها “جواز سفر خاص تُسخر الجيوش له لو مسه سوء”، وفق ما دوّن على غلاف وثيقة السفر الخاصة بدولة العراق والشام.
ووفق المعلومات، فإن هذه الدولة هي كيان سياسي جهادي مسلح، يهدف إلى تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية، وهو منتشر إلى الآن في العراق وسوريا، ويلقب قائده بأمير المؤمنين.
تم تكوين الجماعة في أكتوبر 2006، إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المجاهدة، ضمن ما عُرف بمعاهدة “حلف الطيبين”.
إلى الآن، لا تتجاوز أعمال الدولة خانة الهجوم المسلح على مواقع عديدة، منها البنك المركزي ووزارة العدل في بغداد، بالإضافة إلى اقتحام سجني أبوغريب والحوت.
ولعلنا جميعاً شاهدنا مقطعاً يصور سياسة هذه الدولة مع المختلفين معها، حين أوقفت مجموعة منهم سائقي شاحنة، اتضح لهم أنهم من العلويين، وتم إعدامهم بدم بارد وشهية مخيفة للعنف والقتل.
“داعش”، وهو اختصار لدولة العراق والشام، ليست خطراً على الثورة السورية ونضال المقاتلين الأشراف فيها فحسب، وإنما هي خطر وتشويه للإسلام، كعقيدة وكدين وأخلاق. “داعش”، وبكل أسف، تدعي أنها تمثل المسلمين السُنة، في إشارة إلى تصعيد أحمق وغبي للشحن الطائفي في سوريا والعراق، وهما الدولتان اللتان تحتضن تركيبتهما السكانية كل مقومات الاستثارة الطائفية.
“داعش”، وبكل أسف، تتبنى الإسلام منهجاً، لكنها تناقض تعريفه الأهم، فالمسلم هو من سَلِمَ الناس من لسانه ويده، وليس من قضى على الناس بسلاحه وعتاده.
هم يصفون كل من يختلف معهم بأنهم كفرة وعملاء ومارقون، وبذلك تكون أرواحهم وأملاكهم مستباحة.
الجيش السوري الحُر لم يعد في مواجهة النظام المستبد، وإنما أصبحت مواجهته مع جماعة دولة العراق والشام، والتي أخرجت الجيش الحُر مطروداً من بلدة اعزاز على الحدود التركية، ما يعني، وبكل أسف، أن المعارضين أصبحوا منشغلين بقتال بعضهم البعض، بدلاً عن مواجهة النظام.
قد لا يبدو أن هناك مخرجاً قريباً من محاولة البعض تهميش الثورة في سوريا وتغيير مسارها، فهناك كم كبير من الجهل تقتات عليه جماعات “داعش” وغيرها.