شئون عربية

الإصلاح يعني الرحيل!

الإصلاح يعني الرحيل!

التجارب العربية مع الثورات في خمسينيات القرن الماضي لم تكن جيدة ولا مطمئنة، فحركات التحرر من الاستعمار التي سادت الخارطة العربية آنذاك أوقعت شعوبها في فخ الدكتاتورية والأنظمة الاستبدادية!
في الخمسينيات استطاعت الأنظمة العربية أن تستر عيوبها بالسلطة، كما أن الظروف السائدة آنذاك قد خدمتها إلى حد كبير وأمّنت لها استمرارية وشبه ديمومة في السلطة لدى البعض، فحرب فلسطين والصراع العربي – الإسرائيلي كانا يعتبران أولوية بالنسبة للمواطن العربي، والتحرر الكامل من الاستعمار الأجنبي وتبعاته كان يتقدم على أي محاولة تغيير أو إصلاح.
وفي كل المجتمعات العربية كان كل أمر مؤجلاً إلى حين الانتصار وإعادة الأرض المغتصبة!
في الخمسينيات كان المواطن العربي يكتفي بكاريزمية القائد، وكانت الزعامة خطباً رنانة وشعارات ثورية تلخص الوطنية والمواطنة شفاهة! يومها كان من السهل شحن الشعوب وإشعال الشوارع والأرصفة ناراً وحماساً! فالعدو الصهيوني هو الهدف، وأي خروج عن هذا الهدف كان بمنزلة الخيانة العظمى والتفريط في مستقبل الأمة!
لكن هذه الشعارات وهذا المزاج لم تعد هي المحرك الرئيسي، ولم يعد وقود الثورات قائماً على ورق الشعارات ولافتات الجمل الحماسية، ولا على مايكروفونات الإذاعات! لقد تبدلت المطالب، وتحولت دفة الصراع، وتغير الهدف بشكل كبير، وهو ما أوقع مخلفات الزعامات العربية التقليدية في مأزق حرج ومضحك أحياناً، استغلته الفضائيات وأعادت إنتاجه بشكل فكاهي، صور الرئيسي اليمني وهو يصرخ مناشداً الشباب بثورية خمسينية، لتأتي إجابتهم في المقابل بكلمة “ارحل”!
وسواء كان في اليمن أو في ليبيا أو مصر أو سوريا، فإن من الواضح أن قنوات التواصل بين قيادات الأنظمة السياسية فيها وشباب الثورات قد اختلف ترددها إلى درجة أنها أصبحت تنطلق في فضاءات مختلفة تماماً!
الثورات اليوم لا تطالب بإصلاحات، وإنما برحيل الأنظمة، والشعار الوحيد الذي أطلقته ثورات التغيير في أرجاء العواصم العربية كافة هو ضرورة رحيل النظام، حتى لقد أصبحت جملة “الشعب يريد إسقاط النظام” شبه لازمة شبابية تتكرر في جميع العواصم العربية.
بينما في المقابل، تسترسل بعض القيادات العربية في سرد برامجها الإصلاحية!
الإصلاح اليوم والذي تنادي به مجاميع الشباب يعني التغيير، والتغيير بدوره لن يكون إلا برحيل النظام القديم وحرسه، تلك هي سنة الحياة وشرطها الوحيد! نتمنى أن يعي الحرس القديم ذلك لكي تتوقف حمامات الدم!

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى