ملفات ساخنة

الإسلام هو الحل؟

الإسلام هو الحل؟

شعار “الإسلام هو الحل” الذي رفعه المتظاهرون في مصر إبان الانتخابات الأخيرة، هو بلا شك شعار فضفاض، كل يشكله وفقاً لاحتياجاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية! وهو شعار لا ترفعه فقط جماعات الإسلام السياسي في مصر وحدها، وإنما يتبناه كل رجال السياسة المُصرين دوماً على إقحام الدين وتلويثه بنزعات أهل السياسة وطموحاتهم وشطحاتهم وذلك في جميع أرجاء العالم الإسلامي!
آخر تلك الشطحات كانت من وزير العدل أثناء حديثه لجمع من أهالي الجهراء في لقاء مفتوح، أثار فيه مسألة الحقوق البشرية، منوهاً بأن الحقوق ليست متساوية بين الرجل والمرأة، حيث يتمتع الرجل بحق الولاية وحق الاقتران بأكثر من زوجة! كما حذر وزير العدل من الاستسلام للفكر البشري الذي تمخض عنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يرى الوزير أنه يحوي الكثير من الأمور المنافية للشريعة الإسلامية، مما يجعله متخوفاً من أن يفرض هذا الفكر علينا بحجة حقوق الإنسان، داعياً إلى الأخذ بما يتوافق مع أحكام الإسلام ورفض ما يخالفها، معتبراً أن وباء الإيدز الذي ينتشر بكثرة في الدول الغربية والأفريقية لم يتفشَ في الكويت بسبب تطبيق تعاليم الإسلام!
حديث وزير العدل، وكغيره من أحاديث أهل “الصحوة” يرى في مبادئ حقوق الإنسان طرحاً علمانياً متناقضاً مع روح الإسلام! لذلك فهو وغيره يحذرون من مغبة الانزلاق في هاوية “حقوق الإنسان” التي ستبعدهم أو تنسيهم مبادئ دينهم! وهو طرح ليس بجديد، بل لقد اعتدنا عليه، وأصبح مكرراً! لكن يبقى الأمر المحير في كل مرة، أن الرافضين لمثل تلك الحقوق البشرية بحجة علمانيتها، وبدعوى أن الإسلام هو الحل، دائماً ما يقفون عند الشعار، ولم يحدث أن تجاوز أحدهم خانة الشعار إلى خانة التطبيق، أو على الأقل إلى مرحلة ما بعد الشعار، حيث يطرحون رؤيتهم أو مشروعهم لشعار “الإسلام هو الحل”!
هل يكمن الحل في رفض كل ما أتت به الدساتير المدنية؟ أم هو في رفض كل ما أتت به مبادئ حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا الكم الهائل من التواصل مع ثقافات وحضارات أثرت البشرية بلا استثناء؟
الذين يتفقون مع سعادة وزير العدل في رؤيته ينطلقون في قناعاتهم تلك من زعمهم أن الدول الأوروبية، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، تسعى إلى خلخلة المجتمع الإسلامي من خلال إعلان حقوق الإنسان الذي يرون فيه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وتدخلاً في شؤون الدول الإسلامية، وأنها -أي الدول الغربية- تقف وراء دعاة التغريب والتيار الليبرالي من خلال استقطاب الليبراليين وإمدادهم بالمساعدات والدورات التثقيفية واللقاءات المتبادلة في أوروبا لمحاربة الفضيلة!
بغض النظر عن اختلافي شخصياً مع وزير العدل وطرحه، ومع كل طروحات “الإسلام هو الحل”، فإنني ومن موقعي هنا كمواطنة في دولة عربية ومسلمة، أتمنى لو أن واحداً فقط من كل هؤلاء الدعاة أكمل يوماً ما جملته، وأضاف لشعار “الإسلام هو الحل” ما يقنعني بجدية الطرح، وحياديته وسموه -كما الدين والشريعة الإسلامية- من أغراض وأهداف أخرى مستترة لا تخفى على أحد! خاصة أننا مقبلون على معركة انتخابية جديدة، سيرفع فيها الكثير شعار “الإسلام هو الحل” بغض النظر عن تجاوز هؤلاء وفي كل سلوكهم ورؤاهم، مغزى الإسلام وشريعته السمحاء السامية!
حفظ الله الإسلام، ودين محمد وسماحته من لغو أصحاب الشعارات من أهل السياسة والدنيا!

اقرأ أيضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى