أسطورة الزعيم

أسطورة الزعيم
شعبان ياسين، شاب مصري يعيش ويعمل في العاصمة النمساوية فيينا، تؤرقه، كما تؤرقنا جميعاً، حالة الفوضى التي نعيشها في دولنا العربية، فكتب مؤخراً رسالة يخاطب فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويلتمس منه أن تضع الدولة حداً لمشكلة اختراق قوانين المرور التي أدت إلى ما أدت إليه من ازدحام وتكدس للمارة وللمركبات، واختناق مروري رهيب تعاني منه القاهرة، ويشاركها في ذلك العديد من العواصم العربية!
ما يهم في رسالة الأخ شعبان ياسين ليس محتواها فحسب، بل الأهم ما تعكسه رسالة كهذه من إحساس الفرد بالمسؤولية المباشرة تجاه قضايا مجتمعه، على اختلافها، بالإضافة إلى كونها رسالة مباشرة للرئيس، سواء عن طريق الإيميل أو البريد المستعجل، ترمز إلى كسر حاجز الرهبة بين المواطن و”الزعيم”، هذا الحاجز المسوّر بالخوف والاستخبارات، وغياب ما وراء الشمس الذي ساهم ربيع العرب وبشكل مباشر في إسقاطه وردمه!
علاقة «الزعيم» بالمواطن في عالمنا العربي هي علاقة طالما حيّرت علماء النفس، حتى أنهم كثيراً ما أرجعوا سبب استمرار الدكتاتوريات في عالمنا العربي إلى تلك الثقافة العربية التي أحياناً ما تصل بـ “الزعيم” إلى مرتبة القدسية! وقد سبق للأستاذ الجامعي الياباني نوتوهارا أن أشار إلى هذه السيكولوجية العربية وبالتفصيل في كتابه “العرب: وجهة نظر يابانية!”.
ثقافة “الزعيم” هي بلا شك ثقافة متأصلة وراسخة في الوعي العربي، ساهمت في ترسيخها عوامل كثيرة، منها حماسة الجماهير العربية إبان حقبة الاستقلال في الخمسينيات، كما رسختها أجهزة إعلام موجهة، وأدوات قمعية عنيفة، لتأتي المحصلة في شعوب تخشى أن يهتز مثل هذا المفهوم الثقافي والاجتماعي!
اليوم، لم تعد الأمور كالسابق، فقد هز ربيع العرب عروش زعماء كانوا شبه مخلدين، كما بدأت تكنولوجيا التواصل في منافسة أجهزة الإعلام التقليدي، فسقطت أسطورة «الزعيم» التي طالما رسّخها إعلام الصوت الواحد! وكسر الشباب احتكار زعامات السياسة والبرلمان!
بمعنى آخر، سقطت جميع الحواجز، وأصبح الخطاب مباشراً، وهو ما رمزت إليه رسالة الأخ شعبان إلى الزعيم المصري!
