أخونة دار الوثائق القومية

“أخونة” دار الوثائق القومية!
• لم نسمع يوماً عن كاتب أو مثقف أو مبدع خرج من رحم “الإخوان”!
عبّر بعض المثقفين والأكاديميين في مصر عن تخوفهم من احتمال العبث بدار الوثائق القومية، خاصة بعد ما أثير بأن الرئيس السابق محمد مرسي قد حاول بالفعل “أخونة” هذه الدار، ومن ثم تغيير التاريخ، وبالأخص المتعلق منه بتاريخ “الإخوان”!
دار الوثائق المصرية هي مجمع علمي وأرشيف وطني، يحوي مخطوطات وخرائط ترسيم الحدود وخرائط منابع النيل وحدود مصر من كل الجهات، كما تحوي الدار أرشيفاً خاصاً باليهود والعلاقات الدولية، ورصيداً أسود لتاريخ “الإخوان المسلمين” ووثائق تكشف جرائم الاغتيال التي قام بها التنظيم الخاص للإخوان من فترة 1936 وحتى 1948.
غالباً ما تدفع المؤسسات الثقافية والأرشيفات ثمن النزاعات المسلحة والحروب، لذلك، ترتكز الحماية التي تشمل الممتلكات الثقافية في النزاعات المسلحة على مبدأ منصوص عليه في اتفاقية لاهاي لعام 1954، التي تنص على أن كل الأضرار التي تلحق بممتلكات ثقافية يملكها أي شعب تمس التراث الثقافي الذي تملكه الإنسانية جمعاء!
وفقاً للمراجع الموثوقة، فإن دار الوثائق القومية في مصر تعد من أقدم دور الأرشيف في العالم، فبينما أنشئ الأرشيف الوطني الفرنسي في عام 1790، ودار المحفوظات العامة في لندن عام 1798، أُنشئت دار الوثائق المصرية في القاهرة عام 1828، وكان يطلق عليها في البداية “الدفتر خانة”!
مع قدوم “الإخوان المسلمين” على هيئة الرئيس السابق محمد مرسي، بدأ مشروع “أخونة” الدولة، و”أخونة” الثقافة بشكل ملحوظ، وقد كان لدار الوثائق القومية المصرية نصيب من مشروع “الأخونة” الذي أبطله الشارع المصري حين خرج بالملايين يوم 30 يونيو الماضي، وهو أمر أثار حفيظة المواطن قبل المثقف والأكاديمي، فتوالت الوقفات الاحتجاجية اعتراضاً على قرار وزير الثقافة في زمن مرسي، والذي كان يهدف إلى أخونة الدولة، وحيث رفع المتظاهرون – آنذاك – لافتات كُتب عليها – وبالخط العريض – “لا لأخونة الدولة والثقافة”! وقد ضاعف من حجم تلك الوقفات الاحتجاجية ما قام به وزير مرسي من إقالة لرئيس دار الوثائق القومية، وهو ما رأى فيه المواطن المصري عبثاً متعمداً بالهوية المصرية الثقافية.
لم يعبّر الإخوان بذلك عن عدائهم التاريخي للثقافة والمثقفين وحسب، وإنما كذلك خشيتهم من الفن والإبداع والثقافة بشكل عام، فمنذ ظهور الإخوان في عام 1928 لم نسمع يوماً عن كاتب أو مثقف أو مبدع خرج من رحم التنظيم!
لا يمكن للإبداع والفن والثقافة أن تكون من دون مناخ ديمقراطي يؤمن بالحريات والحقوق، ومشكلة “الإخوان” أن أي حوار يعني خروجاً على تعاليم الجماعة!

